يقول الله تعالى في سورة التين: "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" ومن حسن القوام الثدي الذي خلقه الله لكل من الرجل والمرأة، إلا أنه جعله علامة أنوثة لدى المرأة، فبجانب وظيفته الفيزيولوجّية يلعب دوراً أساسيا ً في إبراز أنوثة المرأة من الناحية الجمالية والجنسية. والثدي عند المرأة هو العضو الذي يفرز الحليب لدى الولادة لإرضاع الوليد. يتطور الثدي بشكل كامل خارج الصدر، أو بشكل أدق ضمن النسيج تحت الجلدي لجدار الصدر الأمامي. فهو عبارة عن كتلة غُدِّية نصف كروية الشكل، تقع تحت جلد الصدر على جداره الأمامي ملتصقاً بعضلات الصدر التي تغطي هذا الجدار وأهمها العضلة الصدرية الكبيرة المسئولة عن تحريك الذراع. يمتد الثدي من الضلع الثالث إلى الضلع السادس، ويضم بشكل أساسي الحلمة، الهالة والكتلة الغُدِّية. يغطي الثدي غلاف جلدي مرن ومطاط ينزلق بسهولة فوق النسيج الغدّي والدهني الداخلي للثدي. ويبطن هذا الغلاف الجلدي طبقة من النسيج الدهني تحت الجلد ويتخللها شبكة من الألياف المتينة الإيلاستيكية تسمى أربطه كوبر تربطه بالجلد، هذه الشبكة من الألياف هي التي تعطي للثدي قوامه. وتتابع الإحاطة بالثدي من جميع الأطراف، حتى من الطرف الداخلي الذي يفصل الثدي عن عضلات الصدر التي يعلق عليها. يمتلئ الثدي من الداخل بنسيج دهني غزير تسبح به العناصر الغدّية المسؤولة عن تصنيع الحليب التي توزع على شكل فصوص يتراوح عددها بين 10 إلى 25 فص. هذه العناصر الغدية هي التي تعطي الثدي قوامه الحبوبي الملمس، وتمتد هذه العناصر إلى ما تحت الإبط. هناك بطبيعة الحال اختلاف في حجم الثدي من امرأة لأخرى، ولدى نفس المرأة حسب فترة النشاط التناسلي عندها، فينمو الثدي خلال فترة البلوغ، ويكبر أثناء الحمل والإرضاع. كما يختلف بالحجم حتى خلال الدورة الشهرية، إذ ينتفخ الثدي نتيجة احتباس النسيج الدهني للسوائل بنهاية الدورة والذي يشكل النسيج الدهني الغالبية العظمى من حجم الثدي، والعنصر الثاني للثدي هو النسيج الغدي المُفرز للحليب والأقنية المفرغة للحليب. تختلف نسبة هذا التوزيع أثناء الحمل إذ يزيد نصيب النسيج الغدي المفرز للحليب والذي يتطور أثناء الحمل. والسائل الحليبي يمكن أن يخرج من الثدي أثناء الحمل ثم يشكل العنصر الأساسي الذي يملأ حجم الثدي أثناء فترة الرضاعة. يتبدل حجم الثدي مرة أخرى عندما تدخل السيدة المرحلة الثالثة من نشاطها الهرموني، أي سن اليأس أو كما يصح تسميته باللغة العربية سن الضهي. نظرا لتوقف النشاط الهرموني يتراجع نمو مختلف العناصر التي تملأ حجم الثدي فيضمر ويتهدل. هذا التهدل والضمور يكون كبير الأهمية عند من أرضعت. لأن زيادة حجم الثدي أثناء الإرضاع أدى إلى تمطط جلد الثدي وما يمسك به من العناصر الرابطة له والمذكورة أعلاه، ومن هنا ننصح السيدات المرضعات بلبس "السوتيانات" المصممة خصيصا للمرضعات والتي يمكنها أن ترفع الثدي وتخفف من تهدله بعد الفطام وعند الوصول لسن اليأس. يحدث أن تتضايق السيدات من تبدل حجم الثدي، سواءً أكان الأمر بالزيادة أو بالنقصان،من الناحية الجمالية، والذي من الممكن إصلاحه جراحيا.إذ يستطيع جراح التجميل إما الإنقاص من هذا الحجم بإزالة جزء من العناصر الدهنية ومن الجلد المغطى للثدي وأحيانا يضطر لتغير مكان الحلمة. كما يمكن للجراح أن يقوم بتكبيره وإصلاح تهدله بواسطة محسنات اصطناعية، وهو غالبا ما يكون كيسة من مادة السيليكون. وأحيانا يمكن وضع كيسة بلاستيكية يمكن نفخها بالماء.والبعض الآخر يأخذ الدهون من أماكن أخرى من الجسم لحقنها بالثدي. المهم أن التقنيات الجراحية التجميلية للثدي متنوعة جدا، والنتيجة تختلف حسب مقدرة الجراح ومهارته الفنية وحسب شكل الثدي الذي يحتاج للإصلاح التجميلي. يقتصر الثدي عند الرجل وعند الأطفال على مجموعة من الخلايا الغدّية والتي تأخذ شكلاً قرصّيا ذا قوام ليفي يقع خلف الهالة فورا. ورغم ذلك فإن الثدي عند الرجل وعند الأطفال يضم نفس العناصر الموصوفة أعلاه عند المرأة، ولذلك قد يتعرض لنفس الأمراض التي يصاب بها ثدي المرأة ولكن بنسب أقل نظرا لنقص تطور هذه العناصر. عند الأطفال يتشابه ثدي الصبيان وثدي البنات، ولكن عند البلوغ يبدأ النسيج الدهني بالتطور ويملأ الثدي تدريجيّا حتى يعطيه قوامه الأنثوي المعروف. تعدُّ كُتَلُ الثدي حالةً طبِّية شائعة تُصيب ملايين النساء كُلَّ عام. ولها عدد من الأسباب المختلفة. على الرغم من أن معظم الكتل ليست سرطانات ثدي، إلا أنه ينبغي فحص أي تغييرات غير عادية في الثدي من قبل الطبيب في أسرع وقت ممكن. وسأكمل الحديث عنها –إن شاء الله -في قابل الإيام إن كنت من الأحياء. السائل الحليبي يشكل العنصر الأساسي الذي يملأ حجم الثدي أثناء فترة الرضاعة