العلم الذي لا يُنَكّس    أمير تبوك يواسي جزاع بن كريم في وفاة أخيه    الاقتصاد السعودي يحقق أهدافه    وكالة الطاقة الدولية.. تهدد أمن الطاقة    ضبط شخصين مخالفين للائحة الأمن والسلامة لمزاولي الأنشطة البحرية    الحوثيون يستهدفون حاملة طائرات أميركية للمرة الثانية    حصار إسرائيلي مستمر    الأخضر.. مرحلة جديدة لإحياء حلم المونديال    فرنانديز: أفعل الأشياء بطريقتي الخاصة    القيادة تهنئ رئيس إيرلندا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    مجموعة «سمنان» تدعم مبادرتي «الطبي والتعليمي» لجمعية الأطفال ذوي الإعاقة    المرور يدعو للاستفادة من الفترة المتبقية من تمديد تخفيض المخالفات    خريطة العمارة السعودية استثمار للهوية وتنمية مستدامة    مشروع ولي العهد يُطيل سلامة مساجد الجوف    "الداخلية" تطلق معرضاً للتعريف بخدماتها لضيوف الرحمن    وزير الإعلام: ولي العهد لا يقبل المديح الزائف وحرية الإعلام مرتفعة    مُحافظ وادي الدواسر يكرم 280 حافظاً وخاتماً للقرآن    "الآسيوي" يحدّد الملاعب التي تستضيف مباريات دوري أبطال آسيا للنخبة    إدارة الأمن والسلامة بإسلامية جازان تشارك في تنظيم المصلين لصلاة الترويح    جمعية الدعوة بأجياد تطلق مسابقة "الحفيظ " لحفظ السنة النبوية في رمضان    أمين القصيم يزور "بسطة خير السعودية" ويشيد بجهود المشاركين    بادرة هدايا الخير لمرض الزهايمر تتنقل في جولة اجتماعية وصحية في أرجاء المملكة بشهر رمضان    دوريات حرس الحدود الساحلية تحبط تهريب (24) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر بضباء    إدمان الأجهزة لدى الأطفال.. 7 علامات تحذيرية وحلول فعالة    18 ألف مستفيد من مركز الزامل للعيون بمستشفى الملك سعود بعنيزة في 2024    وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية يتفقّد قوات الأفواج بمنطقة نجران    معركة بدر" نقطة تحوّل في التاريخ الإسلامي ودروس خالدة في القيادة والتخطيط    للمرة الأولى في تاريخه.. وبحضور الرميان.. نيوكاسل بطلًا لكأس الرابطة الإنجليزية    ولي العهد ورئيسة وزراء إيطاليا يبحثان المستجدات الدولية    إذا لم تفشل.. فأنت لم تحاول من الأساس    الجيش السوداني يسيطر على «النيلين» «وشروني»    فتح باب التقديم لبرنامج" معمل المسلسلات"    موجز    استقرار التضخم عند 2 %    أكدت الارتقاء بالخدمات المقدمة للجهات الوطنية.."الأمن السيبراني": الترخيص ل6 شركات لتقديم خدمات مراكز العمليات المدارة    «عشا الوالدين»    34 قتيلًا وجريحًا.. حصيلة انفجار اللاذقية.. الضباط «المنشقون» ركيزة الجيش السوري الجديد    هيئة المدن الصناعية ارتفاع عدد المصانع بتبوك إلى 200%    صور مشرقة ل"كشافة تعليم الطائف" في خدمة المعتمرين بميقات السيل    بلدية محافظة النبهانية تطلق بطولتها الرمضانية لكرة القدم    أمانة تبوك تتيح تقديم ترخيص الخدمات المنزلية عبر منصة بلدي    التصحيح يغلق مستودعات مخالفة في مركزية الطائف    مستشفى الأمير ناصر بن سعد السديري بالغاط يواصل حملة "صم بصحة"    الزلزولي خيار جديد على رادار الاتحاد    أخطر رجل في الجماعة الإرهابية: مرحلة الإمارات (7)    ترفيه ومبادرات مجتمعية    نوتات موسيقية لحفظ ألحان الأهازيج الشعبية    4.67 ملايين للعناية بمساجد الأحساء    مرسم مفتوح ومعرض تشكيلي في رمضان زمان    إصلاح قدرات الناتو ضرورة لمواكبة التهديدات المتسارعة    طاش مديرا تنفيذيا للمدينة الطبية    321 عملية أورام تعيد الأمل لمرضى جازان    100 متطوع ومتطوعة بحملة صم بصحة    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يعذرنا ومن يعتذر لنا..؟!
انطباعات رمضانية
نشر في الرياض يوم 19 - 10 - 2005

الإنسان السعودي نموذج فريد ولا شك في مسابقته للتنمية فقد استطاع أن يسابق الزمن وأن يتجاوز الكثير ممن سبقوه وسخر الله له ثروات مكنت قيادته من تسخيرها لبناء هذا الإنسان فأصبح ولله الحمد نموذجا في العطاء فأسس دولة حديثة وحقق منجزات متميزة في جميع مجالات الحياة ولست هنا في مجال استعراضها فهي شواهد أمام الأعين فوطننا الحديث قبل أن تبنيه الأموال والسواعد الوافدة بناه إنسانه بفكره وعلمه وخبرته ووطنيته التي لا يزايد عليها أحد.
إن من حق هذا الإنسان السعودي أن يرى نفسه في ما يقدم من أعمال درامية وخصوصا تلك التي تنتج بأمواله، ولكن ماهو الموقف اذا كان كل ما نراه أسود ولا نرى الوجه الحسن لهذا الإنسان ونهضته.
من المفيد أن تقدم الدراما النقد للظواهر وتطرحها ولكن عليها أن ترعى أن لا يكون طرحها سلبيا يظهر كل من يحيطون بتلك الظاهرة متخلفين فالحياة في أي مجتمع من المجتمعات خليط من كل التصرفات وابراز لون لا يلغي بقية الألوان.
نحن عندما نقدم الأعمال الفكاهية نقدم الإنسان فيها دوما بالاهبل المتخلف عقليا لأننا لا نجيد كتابة كوميديا الموقف فنعتمد على كوميديا الحركة والتي نعتقد أن (الاستهبال) هو أقصر الطرق للاضحاك.
ليس من المفيد أن أكتب دون أن أقدم أمثلة وتقديم الأمثلة قد يغضب كل من كان وراء تقديم هذه الأعمال، ولكن يكفينا مجاملات وعلينا أن نقبل النقد فالنقد تصحيح للطريق والمجاملات لا تقودنا الا لمزيد من الأخطاء.
الإنسان السعودي في الإنتاج الرمضاني ظهر بشكل نخجل أن نرى أنفسنا فيه. في مسلسل الحور العين قدم الإنسان السعودي في شخصية الإرهابي الذي يحضر العرب إلى بلده ليعمروه فيدمرهم هذا هو الارهاب من وجهة نظر كاتب هذا المسلسل فدور كل الممثلين السعوديين ارهابيون يلبسون الثياب البيضاء واللحى الطويلة وليس لهم هم الا قتل الآخر الذي أتى إلى وطننا ليعمره فكان نصيبه القتل وكأن المجمع الذي تدور فيه الأحداث مستعمرة لا يدخل اليها المواطن أو حتى يمر من جوارها وحتى الأمن الذي لا يستطيع الكاتب ان يجردنا منه كان الحضور عبارة عن بيانات متلفزة ترعب الأبرياء العرب.
الا يعلم هؤلاء أن الإرهاب فكر موجود في كل أرض ولكنه قد يبرز اليوم هنا وغدا هناك وأن أول من يكتوي بناره هم كل من تربطهم بأصحابه الأرض والجنسية وصلة القرابة والجيرة، ولهذا ان كان فينا ارهابيون فنحن أول من اكتوى بنارهم سواء كنا آباءهم أو أمهاتهم أو اخوانهم أو مجتمعهم الذي ينتمون اليه ولهذا علينا ان ننظر إلى قضايانا بأعيننا لا بأموالنا واعين غيرنا وأن لا نسمح لقضايانا أن تكون جسرا للاستيلاء على أموالنا وتشويه صورتنا في حلقة واحدة شاهدت السعودي الموجود في اجتماعات لمجلس إدارة احدى الشركات في أكثر من مشاهد وهو صامت لا يتكلم فالكل يتحاور ويتكلم الا هو مطلوب منه الصمت لأنه لا يعرف يتكلم ولأن وجوده ضرورة لاثبات موقع الأحداث..
وعندما أذيع بيان وزارة الداخلية الذي يحذر من سيارة مشبوهة انزعجت جميع الأسر المشاركة في المسلسل السورية والمغربية والمصرية، أما السعودية فلا وجود لها ربما لأنها تقبع داخل (الجمس) المذكور كما يرى كاتب العمل ومخرجه.
إن برنامج قناة المجد مع الشايع ابلغ من خمسين مسلسلا كحور العين الذي وأسيئ فيه اسلوب المعالجة فالحادث الإرهابي وقع هنا وان كان بأيدي أبنائنا فنحن المتضرر الأول منه والمفروض أن نظهر الوجه الحقيقي لنا فلو وجد في الرياض ألف ارهابي فان بها خمسة ملايين سعودي آخر يعملون ويبدعون ويبتكرون ويخترعون ويصنعون ويعلمون.
لقد انتج تلفزيون أبوظبي مسلسل (الطريق الوعر) وهو يتحدث عن العائدين من أفغانستان وهو يعرض تلك النماذج دون الاساءة لأحد والمسلسل باللغة العربية الفصحى وبدون أي ملامح لأي جنسية وهو بهذا ألغى مبدأ الجنسية فأصبحت المشاهدة مقبولة وأصبح كل إنسان منا يتابع أصحاب هذا الفكر دون الاشارة إلى أي مكان أو جنسية.
لأن الإرهاب الذي وقع في بلادنا عولج من الخارج فلنتحدث عن الكوميديا السعودية التي عولجت من الداخل والتي طرحت الكثير من القضايا التي تعكس فيها همجية وتخلف هذا الإنسان الذي قد يهاجر من وطنه لا لكي يجاهد أو يتعلم ولكن لأن هناك من عرف اسم امه والذي ابتكر لعبة الروليت لا ليلعب بها القمار بالمال، ولكن ليلعب بها لعبة الزوجة فهو حيران فالشرع لم يحلل له الا أربع ولهذا لابد أن يستغني عن واحدة حتى يستبدلها بأخرى ولهذا فالروليت هو الحل فهو كائن بدون مشاعر وأخلاق ولا يردعه دين ولا مجتمع ولهذا فهن عنده سواء ولا نعلم ماهو الداعي لادخال عنصر جديد طالما انهن شابات ويأتي الاستغناء هنا لدخول رقم جديد مكان رقم قديم والغريب ان الزوجات يرفضن الاقتران به في البداية ويتمسكن به بعد ذلك. إن مثل هذا الطرح يصورنا في نظر الآخر كشعب يهين المرأة ولا يكرمها ولا هم له إلا التعدد وبودي أن تتكرم علينا إدارة الأحوال وتزودنا بإحصائية بعدد الرجال الذين يقترنون بأكثر من زوجة حتى نعرف هل ما نشاهد ظاهرة تستحق النقاش أم انها حالات فردية لا يجب أن نخصص لها مساحة ذهبية لنعلنها للقاصي والداني، بينما الواقع يقول إن نسبة العنوسة في ازدياد وأن تأخر الزواج يأتي لأسباب مادية وأن التعدد حالات لا تقارن بغيرها لكل فرد فيها أسبابه أما أن يكون الزواج لعبة فهو لعبة غير شائعة ولا يجب أن نطرحها كظاهرة وخصوصاً عبر عمل رسخ وجوده وأصبح المشاهد ينتظره من العام إلى العام ونحترم القائمين عليه ولهم رصيد فني كبير عليهم المحافظة عليه وعدم (المقامرة) أو المغامرة به.
ما اشطرنا في الغضب من أوبرا وغيرها ونحن حقيقة نسيئ لأنفسنا أكثر مما يساء لنا من الغير وانظروا للمسلسلات والأفلام العربية التي تقدم الشخصية الخليجية بشكل مزر لبساً ومنطقاً.
ولأن الدراما تعرفنا على نماذج متعددة من فئات المجتمع والتي قد تطرح لنا معاناة الإنسان البسيط في الحياة سواء سائق الحافلة البسيط وشقيقه المطرب الفاشل والذي يعيش على جهد أخيه وأخته المكافحة ورغم هذا يقول شقيقها عنها انها خريجة سجون وهذا ينفي عنها انها إنسانة مكافحة كما نرى ولكن علينا أن نفكر في أن الثراء الذي سيأتي لهذه الأسرة لن يأتي عبر كفاحها وجهدها ولكنه سيأتي عبر شقيقة لهم تعيش في أمريكا ولم ترث الأموال من عمها الذي هاجرت معه ولكنها ورثتها من زوجها اللبناني (قوية والله العظيم قوية) بودي أن يقدم لي نموذج حقيقي لأي سعودية ورثت الأموال الطائلة من زوج غير سعودي والحقيقة كان بودنا أن نتعرف على هذا الزوج المقطوع من شجرة وإلا كيف ترثه هذه الزوجة التي أتت لتبحث عن أسرتها بدافع الشوق والحنان والذي لم نر أي مشاعر للاخوة وبات التفاهم مع شغالة مستقدمة أسهل من التعامل مع هذه الأخت التي تتكلم العربية قليلاً وهنا يسقط حاجز اللغة كحاجز للتفاهم، إلا أن اردنا أن نقول إن أمريكا أتت إلينا لتغير من حياتنا فربما هناك إسقاطات سياسية وبساطتنا تمنعنا من فهمها فالديموقراطية أتت للعراق على دبابه ولعلها أتت لنا على مسلسل. إن استعراض النماذج البسيطة من المجتمع أمر جيد ولكنه يدعونا للتساؤل أين بقية سكان الرياض من الفئات الأخرى، ألا يمكن أن يكون هناك خط آخر يبين أن على الجانب الآخر يوجد أشخاص يتمتعون بالتعليم والثقافة وأن هذه الشوارع التي تسير فيها هذه الحافلة هي من صنع نماذج أخرى علينا أن نقدمها حتى نضيف للون الأسود ألواناً أخرى، ولعل أبسط الأمور هو طرح قضية هذه الحافلات المتهالكة التي بقيت جزءاً من وسائل النقل رغم وجود شركة كبرى للنقل وإن بقاء عملها كان بهدف المحافظة على مصدر أرزاق هؤلاء البسطاء وبقي الأمر كما هو عليه دون تطوير أو تعديل. إن كان هناك من يضحك ويستمتع (بأكثر من لزمة) قد يرددها نجوم هذا العمل الذين تقمصوا أدوارهم بشكل محكم وأتيحت لهم الفرصة لإبراز امكانياتهم إلا اننا لا نريد هذا الضحك إن كان ثمنه اضحكاك الآخرين علينا.ما نقدمه للناس هو مرآة لمجتمعنا ولقد سئمنا أن نستغل فإن لم تكن لدينا القدرة على إنتاج أعمال تعكس واقعنا ونبين فيها جميع فئات مجتمعنا البسيطة وغيرها وأن نراعي أن من واجبنا أن نرى الآخرين صورا لنهضتنا وتطورنا فلنتوقف ونعرض ما ينتجه الآخرون حتى نتمكن من تطوير أنفسنا فهذا المجال يمر بعقبات لا حدود فإن كنا نرى اننا لا نمتلك كُتَّابا ولا ممثلين ولا مخرجين فعلينا أن نتوقف حتى نوجدهم عبر معاهد وعبر فكر يجعل كل من يمتهن الكتابة والتمثيل والإخراج والإنتاج يقول ماذا اقدم ومن سيراني وما هي النتائج السلبية التي ستنعكس على وطني مما سأقدم؟ إننا نرى الأعمال المصرية التي استبدلت جلدها القديم بجلد جديد فلم نعد نرى الموظف الغلبان ولم تعد قضية البحث عن مسكن أم المشاكل فخرجت علينا دراما الأثرياء ليس لأن الشعب تحول إلى أثرياء ولكن لأنها ستعكس صورة تخرجنا من النظر إلى ذلك الإنسان بأنه مطحون وضعيف وفي الوقت الذي يوجد لدينا نماذج نستطيع من خلالها أن نعكس واقعنا الحقيقي نصر على الاستمرار في تقديم صورة الإنسان الابله الاهبل وعندما نجلس مع أبنائنا أمام شاشة التلفاز على أمل أن نريهم نماذج ناجحة يقتدون بها أو ظواهر سلبية عليهم ألا يقتدوا بها تخرج علينا أفكار عفى عليها الزمن ونماذج اختفت في هذا القرن.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.