بقلوب صابرة ومطمئنة تلقينا نبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي تأثر بها العالم العربي والإسلامي ومحبو السلام في كل مكان حول العالم لما للفقيد -يرحمه الله- من اسهامات في تعزيز السلام في المجتمع الدولي. الفاجعة المؤلمة ألقت بظلالها على كل أبناء الوطن الذين سكن حب الراحل العظيم قلوبهم معتبرينه أخاً وأباً لهم، لما لمواقفه الأبوية العفوية الأثر العظيم في نفوس أبناء الوطن. وشهدت هذه البلاد العظيمة التي حباها الله بنعمة الأمن والأمان نقلات كبيرة في عهد الملك الراحل على الأصعدة كافة، إذ كان هاجسه الأول مكافحة الإرهاب واستئصاله، والقضاء على مخططات زارعي الفتن والطائفية في هذا الوطن الكبير، حتى إنه دعم المركز الدولي لمكافحة الارهاب بمئة مليون دولار، مبيناً للعالم أجمع أن السعودية والسعوديين محبون للسلام وزارعون له وداعمون. كما أنه -رحمه الله-أولى جميع مرافق الدولة اهتمامه الخاص، حيث إنه دعم التعليم بزيادة عدد الجامعات السعودية إلى أضعاف ما كانت عليه، إضافةً إلى ابتعاث عدد كبير من الطلاب والطالبات للدراسة في مختلف دول العالم، كما أنه دعم القطاع الصحي بافتتاح مدن طبية ومستشفيات تخصصية وعامة في مختلف أنحاء المملكة. ولم يغب عنه -رحمه الله- هاجس المواطنين بامتلاك المنازل، إذ خصص لمشروع الإسكان ميزانية ضخمة لبناء 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين بجميع مناطق المملكة. ولمعرفة الملك الراحل ووعيه بأهمية الاقتصاد، أنشأ -رحمه الله- مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، فضلاً عن انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية، والتي تعد نقلة كبيرة في اقتصاد الوطن. ولم تقف إنجازات ملك الانسانية على الصعيد الداخلي فحسب، بل دعم الكثير من الدول التي أرهقتها الحروب والفتن والفقر، وتبنى مواقف الصلح بين الدول العربية والاسلامية وناصر المسلمين المستضعفين في أماكن مختلفة حول العالم. إن الجموع الغفيرة من المواطنين التي رأيناها خلال مراسم الدفن والعزاء والوفود الدولية التي حضرت من كل أنحاء العالم بقيادة زعماءها، ليست إلا دلالة كبيرة على مكانة الملك الراحل الدولية والمحلية ومكانته لدى محبي السلام في دول العالم كافة، لكننا لم نعد نملك له سوى دعوات في ظهر الغيب مع كل سجدة في صلواتنا. وما يعزينا في هذا المصاب الجلل هو وجود قائد محنك بقامة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لمعرفته التامة بأمور الدولة وسياستها وخبرته العريضة التي تجاوزت الخمسين عاماً في مناصب متعددة تسلم من خلالها إمارة منطقة الرياض ووزارة الدفاع، فضلاً عن كونه مقرباً من الملوك الراحلين -رحمهم الله- ومستشاراً لهم. وما يعزز خبرته -أيده الله- قربه من المواطنين ومعرفته بمشاكلهم واحتياجاتهم من خلال استقباله لهم في جلسته الاسبوعية. كما أن عضده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء لديه من الخبرات ما يجعله سنداً في جميع القضايا، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء إلى جانب خادم الحرمين الشريفين، الذي يملك خبرات أمنية وإدارية متراكمة وعقلية فذة، من شأنها أن تسهم في رقي ورفعة هذه البلاد الطاهرة التي شرفها الله بالإسلام والحرمين الشريفين. في الختام أسأل الله العلي العظيم أن يرحم فقيد الأمة، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده وولي ولي عهده لما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد. * معالي وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية