بداية وبعبرة الحزن والأسى اعزي نفسي واكرر عزائي لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وولي ولي العهد وأبناء الفقيد والاسرة الكريمة والشعب السعودي الكريم في فقيد العرب والأمة الإسلامية الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز الذي لبى نداء ربه فعاد اليه معززا مكرما في يوم فضيل قال عنه المصطفى عليه الصلاة والسلام "ما من مسلم مات يوم الجمعة او ليلتها إلا وقاه الله فتنة القبر. وهذا ما نرجوه له ان شاء لله ونسأله تعالى ان يغفر له ويسكنه فسيح جناته. وعزاؤنا بتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز زمام الأمور كون هذا يعكس الحالة المزاجية للشعب السعودي الذي يرغب الاطمئنان على دينه ووطنه وتأكيد مسيرة التنمية والاستقرار عن طريق وصول رجل قوي إلى سدة الحكم خصوصا في ظل ما يشهده العالم من حولنا من اضطرابات سياسية وتغيرات اجتماعية. وقد عرف الشعب السعودي سلمان بن عبدالعزيز رجلا محبا للوطن وحريصا عليه ينظر لمصلحة الحكم اولا لان استقرار ورسوخ الحكم كفيل بالمحافظة على الدين والوطن والمجتمع ومنجزاته ويشهد على ذلك قراراته الكبيرة والحاسمة التي اصدرها في الساعات الأولى من توليه الحكم فعين ولي العهد وولي ولي العهد ودعا لمبايعتهما في وقت واحد، كما أكد اهتمامه بالشباب وثقته بهم رجالا للمستقبل فعين الامير محمد بن سلمان إضافة لمهامه وزيرا للدفاع. سلمان بن عبدالعزيز رجل مواقف ثابتة وواضحة وقائد حكيم ثاقب الرؤية وواسع التجربة، وقد اصبح منذ زمن طويل جزءا مهما في صناعة سياسة المملكة وتطوراتها وعنصرا مهما في توجيه وبناء مشاريع المملكة التنموية الهائلة في الداخل والخارج، وقد عرف بجهوده الامنية والتنموية وارساء الاستقرار ودعم محاربة الإرهاب، والحفاظ على أمن المملكة والدفاع عنها في المحافل الدولية، وهو في تواصل دائم مع رجال الدين والسياسة وقادة الجيش والحرس الوطني والأجهزة الأمنية، يعرفونه ويعرفهم جيدا وعلاقاته الشخصية مع العديد من رموز وقادة العالم تعود إلى عقود مضت. لسلمان سجل حافل في العمل السياسي والخيري والاجتماعي ولايتسع المجال لسرد مآثره ومسؤولياته والآن وقد تولى قيادة المملكة العربية السعودية نشعر نحن السعوديين اننا محظوظون بهذا القائد المتعدد الخبرات والتجارب. نعرف عن سلمان التزامه بالعمل الدؤوب والمتواصل وانه محب للعدل وثابت على مبادئه وشهامته العربية وأخلاقه الكريمة كالجبل لايتزعزع وإن اشتدت عليه الريح. ولعل ادراكه المبكر لاهمية قراءة التاريخ وتمعنه في تجارب الافراد والأمم او كما يسميها بنفسه "مدرسة الحياة" هي التي صقلت شخصيته واعلت مرتبته ومكانته وجعلته قادراً على التعامل بمرونة فائقة على مختلف الاصعدة ومع مختلف أصناف الناس، يستمع للعاديين ويتبسط معهم ويناقش المثقفين برؤية العارف والمطلع على مناحي الثقافة والتاريخ وعلم الحياة والاجتماع. يقول السباعي: لاينمو العقل إلا بثلاث: إدامة التفكير ومطالعة كتب المفكرين واليقظة لتجارب الآخرين، هذا ما تمتاز به العقول الكبيرة والنشطة والمبتكرة التي تقود العالم وهذا بالفعل ما يمتاز به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. عرفه مواطنوه رجل إدارة من الطراز الأول وحاكما يعي اهمية الوقت وحجم المسؤولية ويدرك مهامه وواجباته وفي كل منصب كلف به كما عرفوه مدافعا عن مصالحهم وراعيا لها وهذا ما جعله أمين سر العائلة ورئيس مجلسها والمستشار الشخصي للملوك السابقين رحمهم الله. سلمان بن عبدالعزيز رجل يمتاز برجاحة العقل والذكاء والعبقرية وهذا ما نحن بحاجته اليوم والعالم من حولنا. وهو بخبرته الطويلة وتجاربه المتعددة كفيل بحل المشاكل الكبيرة وفك شفرة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو الذي يقول دائما بانه لاتوجد مشكلة ولايوجد لها حل، مؤمن بأن الله عز وجل خلق الداء وخلق من أجله الدواء، فعبقريته وتجاربه الواسعة كفيلة باكتشاف هذا الدواء. قائد بهذ الصفات كفيل بعد الله بتحقيق المزيد من الرفعة والمكانة لهذا البلد العزيز ودفع مسيرة التنمية والتعجيل ببرامج التحديث والتطوير وايجاد حلول لمشاكل البطالة والاسكان وغيرها من الأمور التي تهم الشباب خصوصا وانه يهتم كثيرا بهم وينظر لهم قادة للمستقبل، وهو قريب منهم دائما ويسعى لتحقيق طموحاتهم ومتطلباتهم وتذليل الصعوبات امامهم ويعول عليهم في عمليات التحول المجتمعي والقيمي ويعتبرهم طاقة كبيرة يجب الاستفادة منها في استكمال أسس التنمية الشاملة. ولان المبدعين يبقون دائما أحياء فى الذاكرة فكل من عرف سلمان بن عبدالعزيز يعلم انه رجل لا يكل ولا يمل. مع سلمان بن عبدالعزيز لا مجال للكسل، لا مكان عنده لمن يعتقد انه ليس فى الإمكان أحسن مما كان. يؤمن سلمان بان المشاكل الكبيرة لايحلها إلا اصحاب الطموح والمبادرات والقدرة على الثبات والانجاز. يستيقظ سلمان مع صلاة الفجر وبعد أداء الصلاة يجلس ينتظر حقيبة المعاملات الخاصة والتي كانت ترسل اليه صباح كل يوم ولا يبرح مكانه حتى ينهيها وغالبا ما كان يطلب من سمو الامير محمد بن سلمان الجلوس امامه والاطلاع على تلك المعاملات. فمسألة الاستفادة من مدرسة الحياة مهمة بالنسبة لسلمان حيث يوليها عناية كبيرة ويرى انها السبيل للتعلم والرقي وهذا ما جعله يحرص على تعليمها لأبنائه كونها تعلمهم الكيفية الصحيحة في الاستفادة من التجارب سواء التي تمر عليهم او على الآخرين ومن حركة التاريخ في صعودها ونزولها، ويعي يحفظه الله كيف استفادت الأمم والحضارات الأخرى من التجارب في تقدمها المطرد وكيف استطاعت أن تُذلل العقبات التي تقف أمام تقدمها، وهذا كله راجع إلى الاطلاع والخبرة والاستفادة من مدرسة الحياة. تجد في الملك سلمان بن عبدالعزيز انبل الصفات وقد عرف بتواضعه وكرمه ورقي اخلاقه وأدبه الجم ترى فيه المواطن والامير والقائد والملك. كان بعد ان ينهي اوراقه يمارس رياضة المشي واحيانا يمشي قبل نهاية النهار وكان اذا لفت نظره مطعم وهو يمشي بالقرب من الحديقة او على شاطئ البحر يتوقف ويحجز لضيوفه بنفسه وعندما يصل لمقر اقامته يعطي احدنا كرت ذلك المطعم لاكمال الترتيب ويطلب التأكيد على الجميع بالحضور. ويعرف عن الملك سلمان حبه لاخوانه العرب والمسلمين ويولي قضاياهم اهتمامه الشخصي ويحرص على دعمهم ومساندتهم في أي مكان يتواجدون فيه.. فاذكر ان سفارة المملكة في أستراليا اقامت على شرفه الكريم حفل عشاء وفاجأنا حينها فخامة رئيس الوزراء السيد جون هاورد برغبته في حضور المأدبة لانه كان قد اعتذر عن الدعوة نظرا لارتباطه ببرنامج عمل. غير ان هاورد رأى ذلك اليوم تأجيل برنامجه ومشاركة السفارة في الاحتفال تقديرا منه لسلمان وعرفانا بمكانته الكبيرة لدى الشعب الاسترالي. وكان دائما يشدد على التأكيد بأن المملكة العربية السعودية تمثل قلب العالم الإسلامي باعتبارها منبع الإسلام الذي يجعل السلام في مقدمة مبادئها السامية وانها حريصة على الذود عنه وتنقيته من الشوائب والغلو والتطرف، كما أنها تنبذ العنف والإرهاب ، ويحرص دائما على إحاطة المسؤولين وقادة العالم بما حققته المملكة من تنمية طموحة ومساهمة إيجابية وفاعلة لإيجاد عالم أفضل يسوده التفاهم والسلام. ان خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز مدرسة بل جامعة متنقلة ليس بالضرورة ان تقابله وتشاركه الحديث للتتعلم منه بل لك ان تستمع لخطاباته وتقرأ في سيرته فتتعلم في جميع صنوف الحياة السياسية والاجتماعية ، انه رجل جُبل على العطاء بلا حدود يوقن بأن المنصب تكليف لا تشريف يلزم صاحبه مراعاة مصالح الأمة بالأمانة والصدق وعفة النفس. رحم الله راحل المملكة والعرب والمسلمين الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز وغفر، ووفق الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فالتهنئة القلبية لمقامه الكريم ولولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، أطال الله في أعمارهم فهم خير خلف لخير سلف.