ببالغ الحزن والأسى فقدت الأمتين العربية والإسلامية وفقد الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الملك الذي تبلورت شخصيته في شخصية والده المؤسس الملك عبدالعزيز، ظهر ذلك في حنكته السياسية الداخلية والخارجية، التي أثمرت عن إنجازات هائلة، وتنمية حضارية، ونهضة اقتصادية عاشها المواطن داخل وطنه، وتناقلتها الشعوب خارج الوطن، وامتدت آثار تلك الشخصية لتحمل الحب والرحمة لكل مواطن يعيش على ثرى هذا الوطن. لقد رحل عنا – الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله- بعد أن وضع البصمة الأولى في تأسيس هيئة البيعة، التي تضمن سلاسة انتقال الحكم والاستقرار السياسي في المملكة، وأطلق العنان للتعليم العالي ليسهم في نهضة البلاد، من خلال إنشاء الجامعات الحكومية في أرجاء الوطن، لتكون منارات علم، تؤسس لنهضة علمية راسخة، محققاً أكبر نقلة نوعية في التعليم العالي بتاريخ المملكة بل وفي الوطن العربي الكبير. لقد رحل عنا – الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله- بعد أن شهدت بلاد الحرمين أكبر توسعة في التاريخ للحرم المكي الشريف، والمسجد النبوي الشريف. وبعد أن ساس الدولة وأرسى الأمن والأمان والإنجاز والعطاء، ليحفظ من الدخول في الصراعات الداخلية والموجات الإرهابية، ويقف وجهاً لوجه ضد الإرهاب حتى أصبحت المملكة مضرباً للمثل في مكافحته والقضاء عليه. لقد رحل عنا –الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله – الذي عرفناه بحبه وتعاطفه مع الفقراء والمحتاجين، وبميله الفطري لعمل الخير ومساعدة الناس والعمل على إدخال السرور إلى قلوبهم. وتقف مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي شاهداً حياً على مبادراته الإنسانية، حيث تسعى لتوفير السكن لذوي الدخل المحدود والأسر الفقيرة مع توفير كل الخدمات المساندة التي تكفل للمستفيدين من مشروعات المؤسسة حياة كريمة. وإننا اليوم ونحن نعزي ملكا محبوباً، فإننا نبايع ملكا حكيماً، وأدبياً مثقفاً، ومؤرخاً كبيراً، ليكون خير خلف لخير سلف، يحمل المسؤولية معه صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. لقد شهدت المواقف أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، رجل دولة من الطراز الرفيع متمرس مخضرم، تمرس في تحمل أعباء المسؤولية منذ نعومة أظفاره في عهد والده المؤسس ثم إخوانه الملوك، فاكتسب منهم الحكمة والصبر وحسن الإدارة والسياسة، وتميز بالحزم والهيبة، والقيادة والالتزام وتحمل المسؤولية. ولقد عرف الملك سلمان بأعماله وجهوده الخيرية الواسعة، حيث يتولى رئاسة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، والرئاسة الفخرية لجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، والرئاسة الفخرية للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، وغيرها العديد من الجهات. وقد نال خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان عن جهوده الإنسانية هذه العديد من الأوسمة والميداليات من دول عدة بينها البحرين والبوسنة والهرسك وفرنسا والمغرب وفلسطين والفلبين والسنغال والأمم المتحدة واليمن. لقد أكد خادم الحرمين الشريفين في أول بيان له بعد بيعته، بأنه سيستمر على نهج السلف من العائلة الحاكمة في تعزيز أمن واستقرار المملكة وتوفير العيش الكريم لأبناء الشعب السعودي الوفي ودعم أشقائنا وأصدقائنا في الأمتين العربية والإسلامية. أخيراً: أحسن الله عزاءنا جميعاً، فقلوبنا تحزن وأعيننا تدمع على فراقك يا أبا متعب، والقلب فرح والوجه يبتسم والنفس ترضى بقيادتك يا ملكنا سلمان.