ترجّل عبدالله بن عبدالعزيز عن صهوة جواده.. ترجّل بعد أن أفنى سنيّ حياته في خدمة أمتيه العربية والإسلامية وشعبه، وجاهد خير جهاد لنصرة أمته والارتقاء بوطنه وتوفير الرفاهية والحياة الكريمة لشعبه. ترجّل فارس الإنسانية ورمز التسامح والسلام والداعي لحوار الأديان والحضارات ونبذ الحروب والصراعات ومحاربة الإرهاب. ترجّل فارس وحكيم الأمة وهو يقارب بين الأخوة الفرقاء، ويعالج ويداوي الجراح التي تمزّق جسد الأمة ويبني ويرمّم ما أفسدته الخلافات والاختلافات.. لم تفقد المملكة العربية السعودية اليوم ملكاً؛ بل فقد العالم والأمتان العربية والإسلامية زعيماً وحكيماً وأباً للجميع. لم تفقد المملكة ملكاً؛ بل فقدت قائداً ومؤسساً لنهضة حقيقية ومسيرة تنموية شاملة، فشهد عهده طفرة كبيرة في شتى المجالات والعديد من المنجزات التنموية العملاقة بمختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والرياضية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة؛ شكّلت في مجملها إنجازات جليلة تميّزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته ووضعت المملكة في مصاف دول العالم المتقدمة وحققت للمواطنين الرفاهية والحياة الكريمة. لقد فقدت المملكة والأمتان العربية والإسلامية زعيماً من أبرز أبنائها، طالما أعطى الكثير، وسوف يسجل التاريخ للفقيد الراحل ما حققه من إنجازات عديدة في الدفاع عن قضايا بلده وعروبته وإسلامه بشرف وصدق وإخلاص، متحلياً بالحق والعدل والنخوة والشجاعة. يا أبناء المملكة سيظل رمزكم الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز "يرحمه الله" -رغم رحيله عنا- في كل بيت وفي قلب كل رجل وامرأة وشاب وشابة وطفل وطفلة بشخصيته المتفردة والنادرة التي جسدتها إنسانيته وحنانه وعطفه الكبير على الجميع. سيبقى -يرحمه الله- حاضراً بما ترك من منجزات في شتى المجالات حققت الرخاء والعزة والخيرات، وجعلت المملكة حديقة مزدهرة بالعمران وواحة للأمن والأمان في محيط تعصف به أمواج الحقد والصراعات. سيبقى -يرحمه الله- في ضمير كل عربي حرّ بسعيه الحثيث لرأب الصدع ووحدة الصف ودعمه السخي. سيبقى عبدالله في وجدان كل مسلم بصفحته البيضاء وبوقوفه مع جميع قضايا العدل والسلام ونصرته للإسلام والمسلمين وعنايته بالمقدسات الإسلامية وبمشروعات عملاقة يسّرت على قاصدي الحرمين الشريفين أداء مناسكهم في أمن وسكينة. ترجّل الفارس أبو متعب عن جواده وارتفعت الروح إلى بارئها، ولكن سيبقى عبدالله بيننا كواحد من عظماء هذا العصر، وفارس لهذا الزمان، سيبقى في دعواتنا وقلوبنا.. وسيظل معنا في الذاكرة والنهج والوجدان، وسوف تقوى القلوب وتشتد السواعد والعقول لإكمال مسيرته الظافرة لبناء وازدهار هذا الوطن الكبير. فاللهم ارحم عبدك عبدالله رحمة واسعة والهم الأمتين العربية والإسلامية الصبر والسلوان برحيله، وأحسن عزاء إخوانه وأبنائه ومواطني هذه البلاد، وعوض الله الأمة في خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ووفقهم لإكمال مسيرة الخير والبناء والنماء.. "إنا لله وإنا إليه راجعون".