بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات أولية في جرائم حرب محتملة ارتكبتها دولة الإحتلال الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. وأعلنت المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا في بيان في لاهاي أن هذه التحقيقات جاءت مدفوعة بقرار الفلسطينيين الاعتراف بالمحكمة بموجب نظام روما الأساسي الذي أنشئت بموجبه المحكمة في العام 2002. ومن خلال التوقيع على نظام روما في كانون الثاني/يناير، اعترف الفلسطينيون باختصاص المحكمة الجنائية الدولية بأثر رجعي إلى تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014، أي قبل أسابيع من العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة المحاصر. وقالت بنسودة إن مكتبها "سيجري تحليله باستقلالية كاملة وعدم تحيز". وشددت على أن المحكمة لم تبدأ بعد التحقيق لكنها بدلا من ذلك كانت تقيم ما إذا كان هناك "أساس معقول" يتم المضي قدما بناء عليه. وقالت إن مراجعة قضائية تعد ضرورة للشروع في التحقيق. واشنطن تعزف على أسطوانة المفاوضات المشروخة وفي واشنطن، أصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جيف راتكه بياناً أكد فيه بشدة عدم موافقة بلاده على قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية. وقال إن الولاياتالمتحدة لا تعترف بفلسطين كدولة، ويجب ألا تكون مؤهلة للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف "إنها لمفارقة مأساوية أن إسرائيل، التي صمدت أمام آلاف الصواريخ التي أطلقها إرهابيون على مدنييها وأحيائها، يتم الآن التحقيق في ممارساتها من جانب المحكمة الجنائية الدولية". -على حد تعبير المتحدثة الأميركية- وقال راتكه إن الخلافات يمكن حلها عبر المفاوضات المباشرة، وهي المفاوضات التي استغلتها (إسرائيل) على مدى نحو 20 عاماً لتعزيز احتلالها على مرآى ومسمع من "الراعي الأميركي". ترحيب فلسطيني وفي رام الله، رحبت فلسطين أمس بقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدة أنها خطوة إيجابية ومهمة نحو تحقيق العدالة وضمان احترام القانون الدولي. وأوضحت وزارة الشؤون الخارجية الفلسطينية في بيان صحافي أن هذه الخطوة جاءت بعد إيداع دولة فلسطين إعلاناً بموجب المادة رقم 3/12 من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي منح المحكمة اختصاص التحقيق في الجرائم التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما فيها القدسالشرقية منذ 13 يونيو/حزيران 2014م. وأوضحت أن توجه دولة فلسطين للانضمام لنظام روما الأساسي جاء لضمان وضع حد لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها وترتكبها (إسرائيل) السلطة القائمة بالاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وللحيلولة دون إفلاتها من العقاب. وأكدت الخارجية الفلسطينية استعداد دولة فلسطين للتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية وتسهيل مهمتها وصولاً إلى تحقيق العدالة. من جانبه، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، ان خطوة مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق أولي في جرائم حرب محتملة وقعت على الأراضي الفلسطينية، هي أول خطوة رسمية من شأنها أن تؤدي إلى توجيه اتهامات لمسؤولين اسرائيليين بارتكاب جرائم حرب خاصة في العدوان الاخير على قطاع غزة أو بسبب النشاطات الاستيطانية المتواصلة. واستهجن خالد في تصريح له، موقف الخارجية الأميركية التي دانت بشدة قرار المحكمة الجنائية الدولية ووصفها القرار ب"التراجيديا الساخرة"، مؤكدا انه لا يوجد في تاريخ الدول تراجيديا ساخرة اكثر من توفير الحماية ليس فقط من المساءلة السياسية والديبلوماسية، بل وكذلك من المساءلة امام العدالة الدولية كما تفعل الولاياتالمتحدة التي تعتمد معايير وتتعامل مع (اسرائيل) باعتبارها دولة استثنائية فوق القانون. صدمة وذعر في تل أبيب وكان وقع قرار الجنائية الدولية على (إسرائيل) أشبه بالصدمة. فقد وصف رئيس وزرائها المتطرف بنيامين نتنياهو قرار فريق الادعاء في المحكمة بأنه "قرار عبثي" -على حد تعبيره-. وأضاف أن "السلطة الفلسطينية ليست دولة ولذا ما من سبب يدعو المحكمة الجنائية إلى إطلاق تحقيق كهذا بناءً على طلب السلطة"، مشيراً أيضاً إلى أنها تتعاون مع حركة حماس "الإرهابية" بحسب وصف المتطرف نتنياهو-. ووصف وزير الخارجية العنصري أفيغدور ليبرمان أيضاً قرار المحكمة الجنائية الدولية بأنه "مخزٍ لا يستهدف سوى النيل من حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بوجه الإرهاب". -على حد تعبيره- وقال ليبرمان ساخراً إن المحكمة ذاتها لم تتدخل فيما يجري في سورية بعد مقتل أكثر من مئتيْ ألف شخص في الحرب الدائرة فيها، معتبراً بالتالي قرارها الخاص بالأراضي الفلسطينية "مسيّساً ومعادياً لإسرائيل لا غير". وعقب رئيسا قائمة (المعسكر الصهيوني) وهي التحالف بين حزبيْ العمل والحركة يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني أيضاً على قرار الجنائية الدولية قائليْن إن حكومة برئاستهما ستتصدى بحزم لأي خطوة أحادية الجانب تقوم بها السلطة الفلسطينية وتكافح الإجراءات الجارية في المحكمة.