مرت بلادنا بحقبة كان التركيز على التعليم الأساسي بالإضافة إلى انتشار محدود لمراكز التدريب المهني. لذا فقد دعت الحاجة إلى فتح باب الاستقدام لجلب العمالة في هذا المجال وحضور أسرها مما زاد من ضعف التوطين التقني والمهني ووجدت السعودة صعوبة كبيرة لمزاحمة التواجد الأجنبي بجميع جنسياته علماً أن هذا التواجد الأجنبي ساهم بلا شك مساهمة كبيرة في الجانب التنموي للوطن وطور وحسّن في الخدمات العامة وساهم في تسهيل استفادة المواطن وتلبية جميع احتياجاته سواء في جانب الغذاء والزراعة أو الجوانب الميكانيكية والتقنية والتعليمية. ورغم ظهور أصوات وطنية وقيادات متنورة بالمطالبة الصريحة والمبطنة بإدراك خطورة عدم مشاركة المواطن أو الشباب في التنمية المهنية والتقنية وآثار ذلك الابتعاد مستقبلاً وأن بناء الوطن يكون بسواعد أبنائه كما هو حاصل في كثير من بلدان العالم. والذي يدرس أو يطلع في تاريخ المهن يجد أنها نشأت وتطورت على أيدي أبنائها. ونحن لا نشك أن أبناء الوطن وشبابه يرغبون في داخلهم وقرارة أنفسهم خدمة وطنهم وحمايته بكل ما أوتوا من قوة ولكن تبقى مسألة مختصة بالتخطيط وتنوير عقول شباب الوطن وحثهم أن وطنهم سيبنى ويتطور ويزاحم العالم بسواعد أبنائه مها طال الزمن أو قصر، وعلى شبابنا أن ينسوا كلمة العيب والنظرة الدونية لبعض المهن وأن نستلهم من أجدادنا وآبائنا الذين بنوا هذا الوطن ونشأ وترترع بأيديهم ومن عرق جبينهم وواجهوا الصعاب وضحوا بدمائهم لننعم برخاء وترف الحياة، ورغم قلة وشح الموارد المالية وغيرها. -وفيما يخص النظرة أن لا زال لدى القطاعات الحكومية أو الخاصة عدم أو قلة قناعة بالشباب السعودي هذا خطأ وفي تقديري ساهم بزيادة الفجوة بين الشباب والقطاعات الحكومية والخاصة رغم الجهود التي تبذل من قبل أهم مصدر لدعم سوق العمل بالأيدي الماهرة في العمل التقني والمهني ممثلة بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والتي أخذت على عاتقها التدريب والتأهيل وإعداد الخريجين وحتى قبل التحاقهم بوظائفهم وهذا يمثل تحدياً لا يقوم به أي قطاع في أغلب دول العالم إلا ما قل. وتبقى المسؤولية من وجهة نظري من خلال توفر جميع المقومات من بنية تدريبية عالية المستوى (كليات تقنية ومعاهد صناعية ثانوية لبنين والبنات) ومجهزة بفضل الله بأحدث طرق التدريب – هي مسألة تتعلق بالشباب وأن يستثمروا هذه الفرصة التي أتيحت لهم على طبق من ذهب وأن يبادروا ويعكسوا الصورة الحسنة عن وطنهم وعن أنفسهم وأنهم أهل للمسؤولية وقادرون على حماية مكتسبات الوطن وبنائه. -ومن الملاحظات جانب السعودة أنها كانت سابقاً قد أدارت وجهها وأعطت الشباب ظهرها ظناً أنهم بحاجة إلى وقت وأنهم لم ينضجوا بعد وهذا كان ظناً فاشلاً وخاطئاً. والملاحظ أن وتيرة التعامل مع مخرجات التدريب التقني والمهني تسارعت وأصبحت مطمع كل القطاعات ولعل أقرب مثل أطرحه هو ما حصل من ثقة القطاع العسكري بمخرجات المؤسسة فقد أشرفت في وقت سابق على التنسيق مع القوات البحرية بوزارة الدفاع وتم الترتيب بتوفير عدد 120 خريجاً من خريجي الكليات التقنية والمعاهد الصناعية الثانوية بالتنسيق مع الكلية التقنية بالرياض وتم انخراطهم في برنامج تدريبي نفذته القوات البحرية، ثم وبفضل الله تم توظيفهم جميعاً، ثم تلا ذلك قيام القوات البحرية حيث فتحت تواصلاً وتنسيقاً مباشراً مع الكلية التقنية بالرياض وتوظيفاً مباشراً لكافة احتياجاتها. وأصبحت الآن مخرجات المؤسسة من أولويات القطاعات الخاصة والحكومية، وبرزت بفضل الله العديد من الاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية مع القطاعات الخاصة من شركات وغيرها وفق برامج متنوعة سواء إقامة برامج داخل الكليات التقنية والمعاهد الصناعية التقنية أو من خلال البرامج المنتهية بالتوظيف وغيرها من خطط التوظيف المباشر منذ التحاق المتخرج بالكلية التقنية أو المعهد الصناعي الثانوي إلخ من وسائل استقطاب المخرجات التقنية والمهنية من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. ونقول للقطاع الخاص: إن وضعكم الثقة في أبناء وطنكم هو تتويج لجهودكم وهذا الزرع هو ذلك الثمر في المستقبل والنمو والتوسع سيكون مرده الحاجة لأبناء الوطن. كما نقول لشباب الوطن: أنتم سواعد بناء هذا الوطن فلا تترددوا في التقدم والتنافس في المجال التقني والمهني واستثمار فرص العمل في القطاعين الحكومي والخاص وساهموا في تطور وبناء هذا الوطن الغالي وديمومة رخائه، وطوروا مهاراتكم. فهاهي المشاريع الكبرى تنتظر إسهاماتكم. ونقول للقطاعات الحكومية: سهلوا فرص استقطاب أبناء الوطن من مخرجات التدريب التقني والمهني وساهموا في بناء منظومة لبناء فرص وشركات للصيانة والتشغيل بأيدي أبناء الوطن تزيد وتحافظ على مكتسبات الوطن فلن يحك جلدك مثل ظفرك. وأصبروا على أبناء الوطن.