في قراءة وتحليل لمخرجات ونتائج خطة التنمية التاسعة التي أنتهت للعام 2014 والتي قدرت نفقات فقط المشاريع التنموية بنحو 1,4 تريليون ريال والفعلية التي تجاوزت 2 تريليون ريال وأثرها على المواطن كأهداف موضوعة في خطة التنمية التاسعه نحو تقليص البطالة وكذلك أثرها على تحسين المستوى المعيشي ومتوسط دخل الفرد المواطن، وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، نجد أنفسنا أمام حقائق مؤلمة جداً لا تتناسب أبداً مع قوة ومكانة المملكة اقتصادياً ولا تتناسب مع حرص وتوجيه القيادة نحو التنمية والنمو المطلوب. ودعوني أستعرض معكم أولاً المؤشرات الرسمية: بطالة بمعدل 11.8 % للعام 2014، مقابل بطالة بمعدل 12.4% للعام 2010 لمعدل نمو سكاني 2.15% ونسبة عدد العاملين السعوديين 35.7% ( مصلحة الاحصاءات) بمعنى كنسبة 70% متوسط أعمار القادرين على العمل نجد بطالة مقدرة ب 2.400 مليون مواطن! مع احتساب السعودة الوهمية المخيفة، حيث إن التوظيف الفعلي هو المحك وليس خلق وظائف لا تتناسب وطموح المواطن. حسب بيانات وزارة التجارة ووزراة العمل لعامي 2012 و 2013 ، 274 ألف منشأة صغيرة ومتوسطة لحجم أقل من 10 عاملين أقفلت نشاطها ونفترض جزءا بسيطا منها مشاريع واعدة مفترض أن توظف بما لايقل عن 100 ألف مواطن، يقابلها ولنفس الفترة زيادة في تأشيرات جديدة تبلغ 4.4 ملايين تأشيرة لعمالة أجنبية ! مع رسوم حكومية فقط تتجاوز 50 ألف ريال سنويا لهذه المشاريع بخلاف صعوبة تمويلها وتطويرها، وبغض النظر عن طبيعة هذه المشاريع فإن الإستراتيجية لا تتفق أبدا هذه النتائج مع هدف خطة التنمية التاسعة نحو تنمية هذا النوع من المشاريع، كذلك توصيات جميع المنظمات الدولية وقمة العشرين مؤخرا باعتبارها أهم مصدر في خلق الوظائف، وحسب تقرير البنك الدولي 2014 تصنف المملكة في مراتب متأخره عالميا ومتوقع أن تتراجع 11 مركزا للعام 2015!. أكثر من 2 تريلون ريال فعلي لمشاريع تنموية فقط للخطة التاسعة وأكثر من 60% منها متعثرة بواسطة القطاع الخاص الذي يعول عليه دور قيادي في خلق الوظائف وخسائر اقتصادية أقدرها شخصيا بما يقارب 1 تريليون ريال ومؤشر فساد إداري عالمي للمملكة بمرتبة 55 من أصل 177 دولة حسب تقرير منظمة الشفافية التي أوضحت السبب يكمن في عدم تطبيق عقوبات صارمة للرشاوى وعدم استجابة المسؤولين لاحتياجات المواطنين. متوسط دخل المواطن الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وفق مصلحة الأحصاءات للعام 2014 بلغ 91730 ريالا وهو المؤشر الشائع استخدامه أقتصاديا، لكنه لا يعكس الدخل الحقيقي للفرد الذي أعلنت عنه مصلحة الاحصاءات في مسح تنفذه كل 4 سنوات لعينة من 20 ألف مواطن بمختلف مناطق المملكة للعام 2012 الذي بلغ 28800 ريال سنويا ولا يتم فيه أيضا احتساب القروض البنكية الاستهلاكية للمواطن التي تبلغ 30 مليار ريال حسب بيانات الربع الثالث لمؤسسة النقد، ونسبة 36% فقط تملك السعوديين للمساكن للعام 2011 حسب تقرير صندوق النقد!. السؤال المهم الآن الذي يتبادر في ذهن كل مسؤول ومواطن: ماهي الأسباب الحقيقية خلف هذه النتائج المؤلمة المذكورة وغيرها من مخرجات؟ والجواب هو عدة عوامل مجتمعة وهناك فرق بين حلول استراتيجية سابق " تنويع القاعدة الاقتصادية " طرحتها في مقال سابق يفضل الرجوع له، وبين حلول عاجلة التي هي محل الطرح هنا. ماهي الحلول العاجلة فيما يخص المؤشرات أعلاه؟ الجواب من وجهة نظري الاقتصادية المتواضعة هي: لطالما أن الإنفاق الحكومي هو المحرك لأي اقتصاد وخصوصا مشاريع التنمية التي ينفذها القطاع الخاص للدولة باعتباره أداة رئيسية لخلق الوظائف وتأثيره كنتيجة على دخل ومستوى معيشة الفرد، أرى التالي: أثبت الواقع من بيانات رسمية عدم قدرة وتقاعس القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع التنموية الهائلة، هنا يجب على الدولة التدخل ونسف قاعدة " السوق الحر والمنافسة " كماهي قاعدة " عكس الدورات الاقتصادية " والبت فورا بتأسيس شركة شبه حكومية متخصصة بتنفيذ مشاريعها خصوصا البنى التحتية لتكون المحرك لخلق الوظائف وتحسين الدخل، ونسف قاعدة " المصالح " للمقاولين، ومن أراد الدخول منهم عليه الدخول كمساهم في هذه الشركة، ولدينا تجربة إستراتيجية لأرامكو وهيئة الجبيل ويبنع. ما يخص المنشآت الصغيرة والمتوسطة، سأكون بالحياد بين التنظيم وبين المستثمرين وأقول: المشاريع المدروسة جدواها اقتصادياً وممولة من صناديق وجهات تمويل حكومية وخاصة، يجب إعفاؤها أو تخفيض الرسوم عليها من جميع الجهات الحكومية، كما يجب وفورا إيقاف برامج وزارة العمل التي تخص العمالة لهذه المنشآت، وسرعة تشكيل صندوق مستقل منظم وممول ومراقب ومستشار ومركز أبحاث لهذا النوع من المشاريع. *مستشار اقتصادي معتمد