تحفل الساحة الدرامية بممثلين سعوديين موهوبين، لكنهم مدفونون لا يزالون يبحثون عن أنفسهم، فهم ومنذ سنوات بعيدة يظهرون في هذا العمل أو ذاك، بسرعة خاطفة، دون أن يصنعوا العمل الخاص بهم الذي يميزهم عن غيرهم ويجعل منهم نجوماً كباراً يمتلكون مكاناً خاصاً ومحدداً في ذهن المشاهد أولاً ثم في ساحة النجوم السعوديين ثانياً.. ومن بين هؤلاء يبدو اسم «يوسف الجراح» كأبرز التائهين الذين لم يبنوا شيئاً خاصاً ولافتاً طوال تاريخهم، إذ اكتفى بالظهور الطفيف في أعمال متناثرة لا تصنع ذكراً ولا مكانة، فمن المسرح إلى المسلسلات وصولاً إلى إعلانات الإذاعة والتلفزيون، لا يزال الجراح يتقلب دون أن يترك بصمته الشخصية. يوسف الجراح ممثل يتمتع بروح كوميدية واضحة، وبتكوين جسماني مميز، كان قد بدأ مسيرته مع الشهرة في نهاية الثمانينات عندما شارك في مسرحية «للسعوديين فقط»، ومنذ ذلك العهد لم يظهر لا كنجم ثان أو ممثل مساعد في غالب أعماله، ولم نر له بطولة أو عملاً تلفزيونياً مستقلاً، خاصة وأنه يمتلك الطاقة والإمكانيات التي تجعله - ربما - الأكثر تأهيلاً لحمل بطولة أي عمل كوميدي.. نحن الآن نراه ضيفاً مشاركاً في برنامج «قرقيعان» ومقدماً في برنامج «آدم» على ال mbc، وفي الدراما المحلية اكتفى بإطلالات سريعة متميزة عبر سلسلة «طاش ما طاش». البعض يرى في هذه المشاركات المحدودة والعابرة نوعاً من الذكاء يتحلى به الجراح، إذ يبدو الهدف المادي حاضراً وبقوة في تفكيره بعيداً عن أي اعتبارات فنية، فهو لا يهتم ببطولة عمل أو ترك بصمة قدر اهتمامه بالعائد المادي الذي يمكن ان يأتي من خلال هذه المشاركات ولو كانت قصيرة محدودة، وهذا هدف مشروع، وما يدعم هذا الاعتقاد ويؤكده ظهور الجراح المتكرر واللافت في الإعلانات الإذاعية الى درجة تحول فيها من ممثل درامي إلى مؤد للإعلانات وصاحب صوت يدر عليه ذهباً.. وإلى جانب هذا البعض، هناك بعض آخر، لا ينكر النزعة المادية في مسيرة الجراح، لكنه إلى ذلك يرى بأن المسألة طبيعية للغاية، وأن الجراح مكتوب عليه أن يظل ممثلاً مساعداً إلى الأبد، فهذا قدره الذي لا سبيل إلى ر ده، وهو في ذلك لا يختلف عن كثير من النجوم العالميين الذين عرفوا - ولا يزالون - بأدائهم للأدوار المساعدة، فنجم ك «مورغان فريمان» لايزال يدور في فلك الممثل المساعد منذ بدايته مع النجومية في عام 1988 حين رشح لأوسكار أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم (Street Smart) إلى العام الماضي الذي حاز فيه أيضاً أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم (فتاة المليون دولار Million Dollar Baby -)، وهكذا الحال ايضاً مع النجم المعروف «جين هيكمان» الذي لا نعرفه سوى كممثل ثان ومساعد.. إذن فهذا قدر يوسف الجراح، أن يظل كما النجمين، ممثلاً مساعداً إلى النهاية، حتى لو كان يتمتع بموهبة لافتة، وبطاقة كوميدية كبيرة، تفوق - ربما - مقدرة نجوم الصف الأول في الدراما السعودية.