صدرت ميزانية الخير وهي تحمل في ثناياها كماً هائلاً من المعطيات في كل القطاعات، وأُعلنت الأرقام لتفتح الطريق أمام مسيرة تنموية متصلة من شأنها تحقيق تطلعات المواطن وطموحاته وبالتالي نهضة شاملة للمملكة في مدنها ومحافظاتها وقراها. تكهن البعض بخفض كبير في أرقام الميزانية، وأطلق آخرون مقولات وإشاعات متشائمة أحبطها، ولله الحمد، آلاف الملايين ومؤشرات وتحليلات من المختصين تؤكد أن بلادنا بخير وأن على المواطن القيام بكل ما هو مطلوب منه لتتحقق أكبر نسب من النجاح مصحوبة بمعدلات نمو تضاهي ما عليها الحال في دول العالم المتقدمة. وزارة الثقافة والإعلام والهيئات الإعلامية الثلاث (هيئة الإذاعة والتلفزيون - هيئة وكالة الأنباء السعودية - هيئة الإعلام المرئي والمسموع) خُصّصت لها في الميزانية مليارات الريالات وبالتالي فإن الآمال معلقة بها والطموحات منوطة برجالها في أن تسلط الضوء وتتابع مسيرة التطور في كافة القطاعات، وفي الوقت نفسه تكشف عن القصور إن وجد وبما يساعد في التغلب عليه واللحاق بالركب مرة أخرى. الإعلام بجميع وسائله سلاح قوي لا يمكن لأحد أن ينكر أثره في التعريف والمتابعة والمساءلة وتقديم صورة لا غبار عليها من أرض الواقع. الإعلام مع انطلاقة ميزانية الخير لا بد له من أن يكون الذراع المساندة لكل مسؤول يرغب في التعريف بنشاطاته وخططه وتنفيذه لكل مشروع وبند من بنود الميزانية، والإعلام ايضا مطالب بأن يترفع عن كل قول يفت في عزم الرجال ويلقي بالتهم كيفما شاء دون برهان. الشخصنة في النقد لا تقرها المثاليات، ووضع النقاط على الحروف وتحديد نواحي القصور مطلب للجميع. المسؤول بدوره حريّ به أن يستشعر المسؤولية ويواكب المسيرة في خطين متوازيين ؛ أولهما القيام بما هو مطلوب منه ومن قطاعه وفق ما حدد وخصص له في ميزانية الخير وما سبقها من مشروعات لها سمة الاستمرارية، والخط الثاني هو فتح كل قنوات التواصل مع الإعلام ووسائله التقليدية والحديثة والرد على كل تساؤل والتعريف بكل مشروع بما يكفل إيضاح الحقيقة وقطع دابر كل مقولة أو شائعة تنافي الواقع وتُسْعد العدو والمتربص. لابد للإعلام ورجاله، وللحكومة ومسؤوليها من العيش في بيئة تحيط بها ثقة متبادلة وإدراك لدور كل طرف. على الحكومة والمسؤولين القناعة بأن الإعلام سلاح قوي يمكن له أن يبني أو يهدم وفق ما يتوفر له من معلومات وما يؤمن به رجاله من توجهات تعتمد في جزء كبير منها على تعامل المسؤول معهم، وعلى الإعلاميين قول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة بما يحفظ له قدر كاف من المهنية وقناعة المتلقي بما يصل إليه من صوت أو صورة أو حرف مكتوب. نعيش اليوم فترة أحوج ما تكون فيها بلادنا لاستثمار كل فرصة تقودنا إلى الأمام وتُعرّف الآخرين بما لدينا، وهذه المعادلة ستبقى دائما صعبة المنال في ظل منظومة لا تتناغم فيها أوتار المسؤول مع رجل الإعلام.