لو سألتمونني عن دافعي الأول لزيارة سويسرا فسأجيب بلا تردد جبال الألب. ورغم أن جبال الألب تمتد في دول عدة هي النمسا وسلوفينيا وإيطاليا وليختنشتاين وألمانيا وفرنسا، إلا أنني لا أفكر إلا في قممها وسفوحها الموجودة في سويسرا. السبب في ذلك يعود لمسلسل كرتون للأطفال يسمى هايدي. من يعرف هذا المسلسل القديم فسيعلم عم أتحدث وأكاد أجزم بأنه يشاركني نفس الهيام. بما سبق، بدأت محاضرة طويلة قبل أشهر عن أهمية الأفلام كأداة للترويج للسياحة. ضربت العديد من الأمثلة الأخرى خلال تلك المحاضرة وأكتفي هنا بواحد منها يتعلق بسلسلة سيد الخواتم والتي تسببت أفلامه الثلاثة في جعل بلد صغير كنيوزيلندا واحدا من أكثر الأماكن السياحية في العالم. السلسلة تبعت بسلسلة أخرى بعنوان ذا هوبيت نزل آخرها مؤخرا وحقق كل فيلم من تلك الأفلام مايقارب المليار دولار. النجاح الهائل جعل الملايين يطيرون لنيوزيلندا لرؤية الأماكن الطبيعية الساحرة التي تفننت تلك الأفلام في إظهارها ما حدا بشركة الطيران النيوزيلندية لوضع عبارة "طيران منتصف الأرض" على طائراتها إشارة لأحد المواقع الشهيرة في تلك الأفلام. بل وقامت لاحقاً تلك الخطوط بصنع فيلم السلامة في طائراتها بشكل غير اعتيادي بل وظريف جدا يقوم فيه ممثلون مستلهمون من سلسلة الأفلام بتقديم تعليمات الركوب للطائرة وحقق الفيديو ملايين المشاهدات في يوتيوب. الأهمية الكبيرة للأفلام ولمقاطع الفيديو في التسويق والاستثمار السياحي لم تكن غائبة عن ذهن منظمي ملتقى ألوان السعودية وهو التظاهرة الأهم في عالم التصوير الضوئي بالمملكة. فقبل سنة، أعلن الملتقى عن إقامة مسابقة وطنية في مجال الأفلام المهتمة بنشر السياحة كثقافة مشرعا أبوابه للمبدعين والمبدعات في هذا المجال. هذه السنة وفي دورتها الثانية، استقبلت المسابقة عددا كبيرا من الأفلام ليتم ترشيح ما يقارب الثمانين عملا للمرحلة النهائية. وكم سعدت بكوني أحد أعضاء لجنة التحكيم بجانب الناقد السينمائي والكاتب الدكتور فهد اليحيى، والناقد السينمائي فهد الأسطا، والمصور الفوتوغرافي والمخرج حسين الدغريري والمخرج والمدرب السينمائي محمد المطيري. كانت الأفلام في مجملها جميلة ومشجعة لكن بعضها فاق كل التوقعات وقدم عملا احترافيا على مستوى المحتوى والفكرة والسيناريو بالإضافة للتنفيذ والتصوير والإنتاج. رأينا وطننا الحبيب بعيون هؤلاء المبدعين والمبدعات من الشباب. رأينا مدننا وقرانا وبحرنا وصحراءنا وسماءنا. رأينا الإنسان والحيوان والنبات، وكما رأينا الماضي والحاضر في أفلامهم، رأينا المستقبل فيهم هم كصانعي أفلام. التطور الكبير الملحوظ في المسابقة هذا العام يجعلنا ندرك حجم الجهد منقطع النظير الذي بذله القائمون عليها. لا أرى وسيلة أخرى تجاري الأفلام لتسويق مكان ما كوجهة سياحية، وهو الأمر الذي تنبهت له مبكرا الهيئة العامة للسياحة والآثار كجهة منظمة فوجهت إبداعات الشباب وأفلامهم لخدمة وطننا الحبيب عبر ترويج مناطقه كلها كأماكن سياحية تهفو لها قلوب المسافرين.