يساهم إصرار المنتجين الخليجيين الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" على تقويض فرص نظرائهم غير التقليديين، لاسيما منتجي النفط الصخري الاميركي، في تعزيز الغموض غير المسبوق حول مستقبل سوق الطاقة، حسبما افاد مسؤولون ومحللون. وقد أسفر قرار اتخذته أوبك الشهر الماضي بعدم خفض انتاجها عن دفع اسعار النفط الى مزيد من الانخفاضات الحادة، وانخفض سعر برميل برنت المرجعي من 115 دولارا في يونيو الى حوالى 60 دولارا حاليا. ويلف الغموض كذلك مدى قدرة سياسة اوبك الحالية على اخراج المنتجين من المصادر غير التقليدية مثل النفط الصخري من السوق، او قدرتها على دفع المنتجين التقليديين من خارج اوبك الى شيء من الاتفاق، ما يزيد من الاضطرابات وقد يدفع بالاسعار الى مستويات اكثر انخفاضا. وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي أمام مؤتمر الطاقة العربي في أبوظبي إن مستويات الغموض في سوق الطاقة قد ارتفعت ولا يمكن لاحد ان يتكهن "بما سيحصل في المستقبل". واعتبر النعيمي أن "هناك الكثير من النفوط التي تعد كفاءتها الانتاجية منخفضة (كلفة انتاجها مرتفعا) غير النفط الصخري. كل هذه ستتأثر بقوة". واضاف "الامر قد يتطلب سنة او سنتين او ثلاث. لا نعرف ماذا سيحصل في المستقبل. الاكيد ان المنتجين بكفاءة مرتفعة سيحكمون السوق في المستقبل" في اشارة الى منتجي النفط والغاز بكلفة منخفضة في الشرق الاوسط. وكان وزير الطاقة القطري محمد السادة اكثر مباشرة في حديثه. وقال في الندوة نفسها ان "الدورات في مجال عملنا هي امر طبيعي". واضاف الوزير القطري "ان انخفاض اسعار النفط سيكون له نمط مختلف هذه المرة.. ان دور المنتج المرجح سينتقل من سيطرة قرار الحكومة الى تفاعلات السوق، وهذا تغير كبير في قواعد اللعبة". وقالت المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية ماريا فان دير هوفن ان التطورات في سوق الطاقة خلال ال12 الى 18 شهرا المقبلة ستكون مهمة لترقب التأثير على منتجي النفط الصخري. واشار كل من السادة ودير هوفن الى ان اسعار النفط المرتفعة شجعت على تطوير مصادر طاقة متجددة صديقة للبيئة. وانخفاض اسعار النفط حاليا مرده جزئيا تغيرات في اساسيات سوق الطاقة. وقال مدير معهد اكسفورد لدراسات الطاقة بسام فتوح انه نتيجة لوفرة المعروض ولضعف الطلب، خصوصا في الصين وفي دول اسيوية اخرى، اضافة الى اوروبا واليابان، فان المخزونات ستستمر بالارتفاع خلال 2015 ما سيزيد من الضغط على الاسعار نزولا. وذكر فتوح انه مع ارتفاع انتاج النفط الصخري الاميركي، خفضت او اوقفت الولاياتالمتحدة وارداتها النفطية من غرب افريقيا والشرق الاوسط واميركا الجنوبية، ما دفع بالمنتجين في هذه المناطق الى المنافسة في الاسواق الآسيوية. وقال "ان ذلك احدث تغييرا في تدفقات التجارة النفطية". ويعزز الغموض في السوق ضعف الاقتصاد العالمي والعودة المتوقعة لكامل الانتاج الليبي والايراني الى الاسواق والارتفاع المتوقع في الانتاج العراقي بحسب فتوح. وتشكل هذه العوامل مجتمعة اضافة بحوالى ثلاثة ملايين برميل من الخام الى المعروض النفطي. وحتى الآن، ليس واضحا بحسب فتوح التاثير الكامل لانخفاض الاسعار على انتاج النفط الصخري لان كلفة انتاجه ليست هي نفسها في كل مكان. وقال "قد نشهد بعض الافلاسات الا ان المشاريع الموجودة قد تخلق قطاعا اكثر مقاومة". وقد يواجه بعض المنتجين مشاكل استثمارية بما ان "الامدادات المالية تتأثر كثيرا بانخفاض اسعار النفط". واعتبر فتوح أن "التاثير سيكون على الارجح على مجمل سوق الطاقة". من جهة اخرى ارتفعت أسعار النفط مع بداية قوية لاسبوع تداول قصير في اسيا بسبب العطلات في حين يتوقع معظم المحللين أن يظل سعر برنت في التعاملات الآجلة فوق مستوى 60 دولارا حتى نهاية العام. وصعد مزيج برنت الخام أكثر من دولار ليسجل أعلى مستوى خلال الجلسة عند 62.61 دولار للبرميل ثم تخلي عن جزء من مكاسبه وبحلول الساعة 0645 بتوقيت جرينتش سجل 62.23 دولار للبرميل مرتفعا 85 سنتا. وصعد الخام الامريكي 69 سنتا إلى 57.82 دولار للبرميل. وبينما يتوقع المحللون أن تظل الاسعار فوق 60 دولارا حتى نهاية العام فانهم يستبعدون في الوقت نفسه حدوث مزيد من القفزات الكبيرة في سعر الخام. وقال بنك مورجان ستانلي في تقرير أمس "من المرجح أن يكون أي اتجاه صعودى محدودا وقصير الأجل، ثمة الكثير من العوامل المعاكسة التي يجب التعامل معها". وكتبت مؤسسة ايه.ان.زد في تقرير امس من المرجح أن يستمر الضغط على أسعار النفط في النصف الاول من عام 2015 بسبب الفائض في المعروض في السوق في حين يتعافى الطلب بصعوبة.