قبل عشرة أعوام تقريبا اكتشفت طالبتان كنديتان طريقة غريبة لترجيح الإصابة بسرطان الثدي عن طريقة بصمة الإبهام.. فخلال عملها كمتدربة في مستشفى جامعة كالاجاري اكتشف كيتلين هيكز أن النساء اللواتي يملكن (حلقة بصمة) تتجه نحو اليمين أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي من اللواتي يملكن بصمة تلتف نحو اليسار.. وحين أبدت هذه الملاحظة لزميلتها ليندا بلندتاون قررت الاثنتان إجراء مسح ميداني بين مريضات السرطان وكانت دهشتهن كبيرة حين اكتشفن وجود هذه العلاقة بنسبة يصعب إنكارها. وكان أطباء أمريكان قد أيدوا في عام 2002 فكرة الكشف عن أمراض القلب ونسبة الكلسترول من خلال راحة اليد (وأقول أيدوا لأن الفكرة خرجت أولا من روسيا) وتعتمد الطريقة على غسل اليدين جيدا ثم دهنها بسائل يتفاعل مع الكلسترول ثم رؤيتها تحت ضوء أزرق في غرفة مظلمة.. وكما ازدادت زرقة الشعيرات الدموية الموجودة على سطح الكف كلما أكد ذلك ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم (وبالتالي إمكانية إصابة صاحبه مستقبلا بجلطات ومشاكل قلبية خطيرة)! وهاتان الطريقتان مجرد نموذج لإمكانية الكشف عن بعض الأمراض من خلال مراقبة الكفين فقط.. فبعد أن كانت "قراءة الكفين" خاصة بالمشعوذين والعرافين؛ أصبح لها أساس طبي وبيولوجي لا يمكن إنكاره.. وأقدم دراسة موثقة أعرفها ظهرت عام 1950 حين ثبت أن الحالات المنغولية تصاحب دائما بوجود خط إضافي في أعلى الكف يدعى "خط سيميان كريس". وفى عام 1960 أثبت الطبيبان روث اكس وريتا هاربر من مستشفى جامعة نيويورك أن جميع من ولدوا أثناء تفشى الحصبة الألمانية كبروا ولديهم بصمات وخطوط كف غير طبيعية.. وفي السنة التالية حاول علماء من مستشفى اوساكا فى اليابان تقييم تلك المعلومة فاكتشفوا بالصدفة إمكانية التنبؤ بمشاكل الدورة الدموية من خلال التغيرات فى بصمات الأصابع.. وكنت شخصيا قد كتبت مقالا خاصا عن وجود علاقة بين طول أصبع البنصر والإصابة بأمراض القلب؛ فالوضع الطبيعي هو ان يكون البنصر (ثاني أصبع من اليسار) اطول من السبابة بنسبة 10 بالمائة.. أما إن كان البنصر مساويا للسبابة أو أقصر منه فان احتمال الإصابة بالقلب يعظم بعد سن الخمسين (ويكمن السر هنا في وجود علاقة حقيقية بين إطراف الانسان ومستوى الهرمون الجنسي لدى الرجال الذي يرفع من احتمال الإصابة بإمراض القلب)! وبالإضافة لاختبار الكولسترول الذي بدأنا به المقال أصبح ممكنا اليوم تشخيص أمراض عديدة من خلال لون الكف (وردي، ازرق، اصفر، شاحب) أو من خلال طبيعة الأظافر وملمس الأصابع (كالأصابع اليابسة والمنتفخة والأظافر المتآكلة أو الجافة) أو من خلال حركات واهتزازات الكفين (كالشلل الرعاشي مثلا). وكل هذا أيها السادة يذكرنا بنوع قديم من المعالجة الطبية يدعى الريفوكسولوجي تعتمد فكرته على تدليك نهايات الأعصاب والعروق في باطن الكفين والقدم لتخفيف الألم وتنشيط الجسم وإعادة التوازن للأعضاء الضعيفة (وتذكر مدى شعورك بالراحة حين تمرر يديك او قدميك على حافة حادة). على أية حال؛ الحديث يطول حول هذا الموضوع ولو أردنا استعراض جميع الأعراض (التي تبدو على الكفين وتدل على ما يقابلها من الأمراض الباطنية) لاحتجنا إلى أكثر من ثلاث مقالات.. المؤكد أن "قراءة الكفين" لم يعد لها اليوم علاقة بالعرافة وأصبحت تخصصا طبيا (يُفترض) أن يدرس لطلاب الطب.