وأنا هنا أستغرب مواقف مجموعة ممن لا زال يظن في هذه الفئة الضالة المبتدعة الظن الحسن، ويعتبر مسلكهم هو المسلك الصواب، واي صواب بعد القتل العشوائي لجميع المسلمين هنالك مثل مشهور يقول: "فلان يبلع الهيب ويغص بالإبرة" والمثل هنا مفهوم ما عدا كلمة الهيب وهي أداة من الحديد الصلب المصمت، يبلغ طولها تقريبا مترا ونصفا، تستعمل في الهدم والحفر يدوياً قبل انتشار ادوات الهدم والحفر الحديثة. إن المتتبع لحراك الجماعات الإسلامية سيلحظ هذه الأيام وضعا غير طبيعي في العلاقات البينية، أعني هنا العلاقات بين الجماعات الإسلامية الراديكالية نفسها، وتحديدا الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وجبهة النصرة "القاعدة" فمنذ فترة وتحديدا منذ أن اعلن فصيل داعش قيام الخلافة الإسلامية في العراق والشام وطلب البيعة لأبي بكر البغدادي كخليفة للمسلمين في العراق والشام، والسبب في اعلان الخلافة هو الخلاف الممتد بين تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة ومن المعروف أن تنظيم داعش سبق وأن أقر بقيادة ايمن الظواهري وذلك حينما كانت داعش في امس الحاجة الى التمويل وخيوط حيازته، بمعنى أصح كانت داعش في أمس الحاجة إلى التوصل لأسرار المال والإعلام والتجنيد ؛ فاضطرت الى مسايرة القاعدة وايمن الظواهري، وحالما تمكنت من كنز علي بابا قلبت لتنظيم القاعدة ظهر المجن، وانقلبت على تنظيم القاعدة وأيمن الظواهري، ومن تبعهم مثل جبهة النصرة، وكانت الحجج التي ترددها داعش: اننا لا نقبل الإملاءات التي يمارسها علينا ايمن الظواهري، ولا الغطرسة التي يعاملنا بها أبو محمد المقدسي، أو أبو قتادة الفلسطيني، طبعا الأول هنا يمثل القيادة التاريخية للجماعة والآخران يمثلان الجانب التنظيري في حركة العنف وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام كان بحاجة لهم في فترة من الفترات ؛ وقد استغنى عن خدماتهم بعد ان دخل تنظيم الدولة الإسلامية مغارة علي بابا وعرف كلمات الفتح السحرية السرية إذ لم يعد التمويل المشبوه حكرا على قاعدة الجهاد، ولا المكسب الإعلامي ولا العقول المدبرة المفكرة. في رمضان الماضي أصدر عمر بن محمود أبو عمر المشهور باسم أبو قتادة الفلسطيني كتيبا في 21 صفحة قطع A4 تحت عنوان ثياب الخليفة هاجم فيه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" بسبب اعلانها قيام الخلافة والإمامة العظمى وطلب البيعة لأبي بكر البغدادي ومن لم يبايعه فهو كافر، وإن بيعة البغدادي ملزمة لجميع المسلمين لهذا السبب ألف أبو قتادة رسالته في الرد عليهم علما أنه كان في يوم من الأيام هو وايمن الظواهري وأبو محمد المقدسي وجمع من منظّري الإرهاب يمدحونهم ويكيلون الثناء عليهم، وها هو هنا يسبه ويجهله ويجعل منه ألعوبة بيد اتباعه، يقول ابو قتادة: (إن ما أراده البغداديُّ إن كان هو صاحبَ الأمر حقًّا في هذا التنظيم -مع أني في شكٍّ من ذلك- فإن الكثيرَ من الإشارات تدلُّ أن الرجلَ حالُه مع غيره كحال محمد بن عبدالله القحطاني (المهدي المزعوم) مع جهيمان، حيث الضعفُ النفسيُّ الذي يحققُ سلاسةَ القيادة لمثل العدنانيِّ وغيره ممن وصلني عنهم هذه الأخبارُ ومعانيها، أقول إن ما أراده البغداديُّ بإعلان الخلافة قطعُ الطريق على الخلافِ الشديدِ على إمرة الجهاد في بلاد الشام الواقع بينهم وبين جماعة النصرة، وخاصة بعد أن تبيَّن كذبُ دعواهم أن لا بيعة في أعناقهم للدكتور أيمن، والبغداديُّ في حالة سباتٍ شتويٍّ لا يقدرُ على الإجابة والرد، إذ يقومُ بدلاً عنه من يتقنُ الشتمَ والرجمَ، بل خلتِ الجماعةُ من طالبِ علمٍ شرعيٍّ له ملكةُ الحديثِ بالشرع في هذا الباب، فإن خرجَ بعضُهم فتحدثَ أتى بالمصائبِ والفواقر، فلم يبقَ إلا علوُّ الصوتِ والنذارة والتهديد بالقتل وسفك الدماء). شن ابو قتادة الفلسطيني هذا الهجوم وهو يعبر عن رأي أبو محمد المقدسي وايمن الظواهري وشريحة عريضة من أتباع الفكر الراديكالي التكفيري لا لحرصهم على الاعتدال أو العدل أو الالتزام بسماحة الإسلام وعدالته، ولا لأنهم يرون أن تنظيم الدولة لإسلامية في العراق والشام قد ارتكبوا مخالفات شرعية يندى لها الجبين بل مارسوا فضائح على المستوى الإنساني والأخلاقي، وانما هم يرون أن تنظيم دولة العراق والشام متطرف في التكفير لأنه كفرهم ويجب تجهيله لأنه رد عليهم وبكّتهم فهم كانوا يبلعون له الكبائر والخطايا والآثام في سبيل بقائه تحت عباءتهم وقيادتهم، وحينما خرج عليهم وفارقهم ونصب نفسه القاضي والجلاد في محاكمهم الصورية شنعوا عليه وبدعوه. وأنا هنا أستغرب مواقف مجموعة ممن لا زال يظن في هذه الفئة الضالة المبتدعة الظن الحسن، ويعتبر مسلكهم هو المسلك الصواب، واي صواب بعد القتل العشوائي لجميع المسلمين، واي صواب بعد حيكهم المؤامرات لبعضهم البعض، أليس هؤلاء هم من زكاهم بعض اشباه طلبة العلم؟ أليس هؤلاء هم من يطالبنا البعض بأن نتقي الله فيهم؟ لا والله لايجب على كل فرد الا التحذير منهم والعمل على تضليلهم ورفع الصوت وإيصاله الى كل من يهمه الأمر في التبليغ عنهم اينما كانوا ففتنتهم أكبر من أي مصلحة يمليها الورع الكاذب أو التقوى الباردة، يجب على كل طالب علم أن يفتح هذه الملفات السوداء، وأن يعمل على تفنيدها والرد عليها.