القولون العصبي، أو عدم تقبّل القمح أو سكر اللاكتوز، أو ما يسمى بمتلازمة الأمعاء المتهيجة، هي مجموعة من الاعتلالات يعاني منها حوالي 10 إلى 20% من الناس في الدول المتقدمة وفي الدول التي تبنى سكانها النظم الغذائية المنتشرة في الدول المتقدمة، والتي تقوم على التصنيع الغذائي. وفي عام 1999م وفي بحثها لرسالة الدكتوراه قامت الدكتورة سو شيبرد بأبحاث تمخضت عن ما يسمى بحمية "فودماب" أو النظام الغذائي منخفض النشويات (السكريات والألياف) الصعبة الهضم. ومنذ صدور أبحاث الدكتورة سو شيبرد وإلى اليوم توالى نشرها ونشر الأبحاث القائمة عليها في الدوريات الطبية العالمية، وتم الاعتراف بها في كثير من مراكز البحث العالمية، ومن أهمها مراكز طب جامعة ستانفورد، وكينجز كوليج، وجامعة موناش في استراليا. ويوصي النظام الغذائي منخفض النشويات الصعبة الهضم على تجنب سكر الفواكه (الفركتوز) الموجود بكثرة في شراب الذرة عالي الفركتوز، والذي ينتشر مثل انتشار النار في الهشيم تقريباً في جميع الأطعمة المصنعة خاصة الحلويات وأنواع الآيسكريم. ويوجد الفركتوز أيضاً في بعض أنواع العسل وبعض أنواع التمور، ومن هنا تبدو الحاجة ملحّة لدينا لمعرفة أنواع العسل وأنواع التمور الغنية بسكر الفركتوز، فبالنسبة للعسل تختلف أنواع ونِسَب السكريات في العسل باختلاف الزهور والثمار التي يمتص النحل رحيقها!! أما التمور فلدينا عشرات الأنواع منها، وحتى تظهر الأبحاث الكافية لنسب السكريات وأنواعها فيها يبقى الحل هو مراقبة الإنسان لنفسه بعد تناول نوع من التمر أو العسل، فعندما يشعر الإنسان بالمغص وامتلاء الأمعاء بالغازات سيعرف ان عليه تجنب هذا النوع وتغييره إلى نوع آخر من التمر او العسل لا يسبب تهيّج أمعائه. وبعض انواع الفواكه الأخرى غنية أيضا بالنشويات صعبة الهضم مثل التفاح والمنجا والحبحب والكمثرى والفواكه المعلبة (لأنها عادة تحفظ بسائل من شراب الذرة عالي الفركتوز) والفواكه المجففة لتركيز السكريات فيها. كما يوصي النظام الغذائي منخفض النشويات الصعبة الهضم بتجنب بعض انواع القمح خاصة المنتشر منها الذي يستخدم في إنتاج الخبز(ولا يهم من ناحية النشويات المثيرة للتهيّج إن كان خبز القمح محضرا من دقيق أبيض او من دقيق بر). كما تفيد المعلومات المتعارف عليها عن البدائل المناسبة لحالة عدم تقبل القمح، فحبوب مثل الأرز والدخن والكينوا.. الخ خالية أيضاً من النشويات صعبة الهضم التي تسبب تهيج الأمعاء. وبالنسبة للخضروات من الأفضل التقليل من تلك الغنية بالنشويات صعبة الهضم، ومنها البصل والثوم والأرضي شوكي والأفوكادو والبنجر والكرنب والبروكلي والفاصوليا الخضراء والبامية. أما اللحوم بأنواعها فمسموح بتناولها على ألا يكون عليها صلصات ومنكهات فيها ما هو ممنوع مثل تغطية شرائح اللحم بالبقسماط أو الدقيق التي هي من منتجات القمح. ومنتجات الألبان، وتدخل معها الأجبان والآيسكريم والشكولاتة، أغلبها غير مناسب لأن فيها سكر اللاكتوز الذي يهيج الأمعاء. ويمكن الإيفاء بحاجة الجسم من الكالسيوم من غير منتجات الألبان عن طريق تناول الخضروات الورقية والجوز (عين الجمل) واللوز البجلي.. الخ. ومن المهم الإشارة هنا إلى ان النتائج الإيجابية لاتباع الإنسان للنظام الغذائي منخفض النشويات صعبة الهضم تظهر بعد أسبوعين إلى أربعة أسابيع من بداية النظام. ويجب الانتباه أيضاً إلى الفروق الفردية بين الناس في نوعية وكمية النشويات التي تؤثر عليهم، فبعضهم لا تؤثر عليه إلا الكميات الكبيرة من الطعام الغني بالنشويات المذكورة أعلاه، بينما تؤثر كمية بسيطة من ذلك الطعام على شخص آخر. كما يجب ان يراقب الإنسان نفسه جيداً لفهم نوع المشكلة الناتجة عن اضطراب الأمعاء، فبعض الناس يعاني من الإسهال، وبعضهم من الإمساك، وما يجب أن يركز على ما يتناوله من أطعمة يقوم على نوع المشكلة.