يمني المنتخبان الأوروغوياني والهولندي النفس باستعادة أمجادهما الغابرة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم عندما يلتقيان اليوم (الثلثاء) على ملعب «غرين بوينت» في كايب تاون في الدور نصف النهائي للنسخة التاسعة عشرة في جنوب أفريقيا.تدافع الأوروغواي عن سمعتها والقارة الأميركية الجنوبية كونها الممثل الوحيد لها في دور الأربعة بعد خروج المرشحين الكبيرين البرازيل والأرجنتين من الدور ربع النهائي، الأولى على يد هولندا بالتحديد 1-2، والثانية على يد ألمانيا (صفر-4). وتأمل الأوروغواي بمواصلة تألقها بقيادة مدربها أوسكار تاباريز الذي أيقظ العملاق الأزرق من سباته العميق وأعاده ليلعب دوره بين الكبار في مشاركته الحادية عشرة في النهائيات واستعادة ذكريات الأمجاد الغابرة عندما توّج باللقب عامي 1930 و1950 ووصل إلى نصف نهائي 1954 و1970. وسيكون تاباريز على موعد تاريخي اليوم كونه سيخوض المباراة العاشرة على رأس منتخب الأوروغواي في نهائيات كأس العالم لأنه قاد «لا سيليستي» إلى الدور الثاني عام 1990، وسيحطم «ال مايسترو» الرقم القياسي المحلي المسجل باسم خوان لوبيز الذي قاد الأوروغواي الى اللقب عام 1950 ثم الى الدور نصف النهائي عام 1954. أما هولندا فتسعى الى بلوغ النهائي الثالث في تاريخها بعد عامي 1974 و1978 عندما سقطت أمام المنتخبين المضيفين ألمانيا والأرجنتين على التوالي. وهي المواجهة الثانية بين الطرفين في نهائيات كأس العالم بعد تلك التي جمعتهما في الدور الأول عام 1974 عندما خرج المنتخب البرتقالي فائزاً بهدفين سجلهما جوني ريب، في طريقه الى المباراة النهائية. والتقى المنتخبان ودياً عام 1980 وفازت الأوروغواي بالنتيجة ذاتها. وحقق المنتخبان نتائج رائعة في النسخة الحالية، خصوصاً المنتخب الهولندي الذي حقق حتى الآن 5 انتصارات متتالية آخرها كان مدوياً على حساب البرازيل حاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب والتي كانت مرشحة بقوة للقب السادس. من جهتها، قدمت الأوروغواي عروضاً رائعة بدأتها بتعادل سلبي مع فرنسا بطلة العالم 1998، تلته 3 انتصارات متتالية على جنوب أفريقيا المضيفة 3-صفر والمكسيك 1-صفر وكوريا الجنوبية 2-1، قبل انتزاع بطاقة ربع النهائي من غانا بركلات الترجيح 4-2 إثر انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1-1. ويصعب ترجيح هذا المنتخب أو ذلك اليوم، بيد أن الأفضلية للهولنديين نسبياً، خصوصاً أنهم سيلعبون بتشكيلتهم الكاملة بقيادة صانع ألعابهم وهدافهم حتى الآن ويسلي سنايدر واريين روبن وروبن فان بيرسي ورافايل فان در فارت، فيما سيفتقد المنتخب الأوروغوياني خدمات ركيزتين أساسيتين بسبب الإيقاف هما مدافع بورتو البرتغالي خورخي فوسيلي ومهاجم اياكس امستردام الهولندي لويس سواريز الذي طرد في الثانية الأخيرة من الوقت بدل الضائع للشوط الإضافي الثاني أمام غانا عندما تصدى بيده لكرة رأسية لدومينيك اديياه، احتسبت ركلة جزاء أهدرها اسامواه جيان وضيّع فرصة قيادة منتخب بلاده الى دور الأربعة للمرة الأولى في تاريخه. كما أن الشك يحوم حول مشاركة القائد دييغو لوغانو ولاعب الوسط نيكولاس لوديرو بسبب الإصابة. بيد أن مدرب هولندا بيرت فان مارفييك قلل من أهمية غياب فوسيلي وسواريز، مشيراً الى أن ذلك لن يؤثر في الأوروغواي كثيراً، لأن هولندا تفتقد بدورها لاعبين أساسيين بسبب الإيقاف هما المدافعان غريغوري فان در فييل ونايجل دي يونغ. وأكد فان مارفييك أن منتخب بلاده لن يستخف بنظيره الأوروغوياني، مؤكداً على لاعبيه أن يكونوا جاهزين لمعركة صعبة ضد المنتخب الأوروغوياني. وأضاف: «لقد قاتلوا (الأوروغويانيون) وخرجوا على قيد الحياة. كما حالنا، هم يستحقون مكانهم في الدور نصف النهائي ولا يجب الاستخفاف بهم على الإطلاق». ويملك المنتخب الهولندي الأسلحة اللازمة لتخطي عقبة ممثلي أميركا الجنوبية والإحصاءات تدل على ذلك، لأن المنتخب البرتقالي حافظ على سجله الخالي من الهزائم للمباراة الرابعة والعشرين على التوالي (رقم قياسي محلي)، بدأها بالفوز على مقدونيا في 10 أيلول (سبتمبر) 2008، علماً بأن هزيمته الأخيرة تعود الى 6 أيلول 2008 عندما خسر أمام أستراليا 1-2، وقد حقق رجال فان مارفييك 19 فوزاً في هذه السلسلة في مقابل 5 تعادلات. ويسعى الهولنديون، بالواقعية التي يعتمدها فان مارفييك، الى محو صورة الفريق الخارق في الأدوار الأولى والعادي في المباريات الإقصائية، من خلال التخلي عن أسلوب اللعب الشامل الذي لطالما تميزت به الكرة الهولندية في السبعينات عبر منتخبها الوطني الذي بلغ نهائي 1974 و1978، أو ناديهم الشهير اياكس امستردام الذي اعتلى عرش الكرة الأوروبية ثلاث سنوات متتالية (1971 و1972 و1973) بقيادة الطائر يوهان كرويف وروبي ريزنبرينك ورود كرول وأري هان وغيرهم. وكانت هولندا الساعية الى محو خيبة أمل مشاركتها في مونديال 2006 ومواجهتها الدموية مع البرتغال وإخفاق كأس أوروبا 2008 عندما خرجت من الدور الثاني، وتحديداً مدربها الشهير الراحل رينوس ميكلز صاحب الفضل في تعريف العالم على أسلوب الكرة الشاملة، المبنية على قيام كل اللاعبين بالهجوم عندما تكون الكرة في حوزتهم، والدفاع عندما تكون الكرة في حوزة الخصم، لكن هذه الخطة لم تنجح في منح البلاد المنخفضة اللقب العالمي، إذ سقط على أعتاب المباراة النهائية. أما مدرب الأوروغواي تاباريز فقال: «نحن الآن بين المنتخبات الأربعة الأفضل في هذه النهائيات، إنه إنجاز لم نكن أبداً نتصور حدوثه قبل وصولنا الى جنوب أفريقيا». وأضاف: «لاعبو الأوروغواي متحدون جداً، لا أعرف إلى أي مدى نستطيع الذهاب في البطولة، هولندا تملك بعض اللاعبين الكبار، ولكن لا يمكن الاستخفاف بالمجموعة التي نملكها». وختم: «إذا كان هناك بصيص من الأمل فيجب علينا أن نتعلق به، بالتأكيد لن نستسلم لليأس قبل أن نلعب هذه المباراة، سيكون من الصعب جداً الفوز على هولندا ولكن ذلك لن يكون مستحيلاً».