( تحويل الحياة الزوجية إلى متعة ) تخصص العديد من الصحف والمجلات والدوريات أقساماً خاصةً للحديث عن الحياة الزوجية ، وبل وتسمى بأقسام الأسرة مثلاً أو قضايا زوجية أو خلاف ذلك ؛ لتجد المفاجئة بأنها مليئة بالحياة الجنسية الزوجية بكل تفاصيلها ، طريقتها ، ديمومتها ، وسائل الرغبة فيها ، طرق إشباعها ، وغيرها الكثير والمثير ؛ لتجد أن القسم قد تحول من رابط ينقل القارئ إلى قضايا زوجية هامة ، إلى تيار قاذف نحو اللذة الجنسية بكل شكل ومعنى . وبالطبع لست ممن يعارضون الثقافة الجنسية بين الأزواج ؛ فهذا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول : (لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل وما الرسول يا رسول الله ؟ قال: القبلة والكلام). ويقول : ( ملعون من أتى امرأته في دبرها ) ، وفي الكتاب : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } . لا خلاف على أهمية الثقافة الجنسية للزوجين ؛ لكن الأهم الثقافة الروحية والتي تفتقر بها هذه الوسائل الإعلامية ؛ فهي تريد أن تصور لجمهور الشباب والفتيات بأن الزواج جسد تغذيه المتعة ، ونسيت بأن الجسد بلا روح يموت حتى لو كان فيلاً كبيراً ، أو نملة صغيرة ، الجميع يتساوى بدون روح ، والكل يتسامى بسمو الروح . فتجد أن تفاعل القراء والمشاهدين للعديد من البرامج المعروضة يفوق كل التصورات ؛ فمثلاً : قرأت شكوى في أحدى المجلات يتحدث فيها صاحب الشكوى بأنه يعاني من قلة الرغبة في الجماع ولم يمضي من زواجه سوى سنتين ، ويتساءل بكل نجدة أن يسعفوا ضعف رغبته الجنسية التي لم تعد كما كانت في ليلة الدخلة ؛بهذه الشكاوى تطنطن صحفهم ، وتشغل زواياهم. وبنظرة مشفقة يا ترى هل كان هذا الزوج على قوة إيمان يراقبها كلما زادت أو ضعفت؟ ، وهل فكر في مستقبل وظيفته هل تقدم خطوة فيها أم أنه نزل خطوات؟ ، وهل فتح ملف تربية الأبناء والبنات وأستعد له ؛ أم أنه خلق لشهوته ، وعبد متعته ، وسيطرت على قنواته الفكرية اللذات والشهوات وأبعدته عن السنن والواجبات ، فضلاً عن الاستعداد للطوارئ والملمات . إن العقل يحتاج إلى غذاء ، ولب هذا العقل هو المني ، وصرف كل قوة الإنسان في هذه المتعة يضعف عليه أداء مهامه الدينية ، وأعماله اليومية ، بل إنه يورث البدن العلل بكل حرية ، ويجعل العجز والكسل إليه أقرب ، وقد حذر من كثرته من حذر ، وأنذر من فرط إخراجه من حذر ، وأعلم بأن تحديد أيام معينة في الأسبوع بحيث تنظم هذه الغريزة هو أمر محمود ، وبه يحصل المقصود بتلبية حق الزوجة ، وصون فرج الزوج ، ولنكن عقلاء في حياتنا ، حكماء في تصرفاتنا ، ولا نطلق العنان لشهواتنا ، لتقتادنا حيث شائت ، بل نقيدها نحن بقيدين : الدين ثم العقل . عبد العزيز جايز الفقيري