نظمت الجمعية الخيرية لمكافحة السرطان أمس دورة تدريبية في موضوع (الإيجابية) حضرها ذوو مرضى السرطان ، والقائمون على العناية بهم ، والمهتمون بموضوع الإيجابية. وقد تحدث في الدورة استشاري الطب النفسي الدكتور ياسر بن عبدالكريم بكار، عن (الايجابية) مبينا أنها موقف نفسي يدفع الإنسان لكي يتعامل تعاملا مختلفا مع الأحداث السلبية التي تواجهه، ويسعى إلى التخلص من المشاعر السلبية وامتصاص مثل هذه الأحداث والتحرر من تأثيرها، ثم يكمل مسيرة حياته. وقال : إن الإيجابيين ممتلئين بمشاعر إيجابية تساعدهم على أداء أفضل في أعمالهم والاستمتاع في حياتهم فهي تحقق هدفين أساسيين لصاحبها: أداء أفضل في العمل اليومي، وشعور بالسعادة والمتعة. وتابع أن (الإيجابية) مجموعة مهارات ترتكز على تغيير طريقة التفكير وطريقة رؤية الأحداث والتعامل معها، ومن ثم هذا يؤثر على المشاعر والسلوك، كما أن الإيجابية تركز على الحل أكثر مما تركز على المشكلة، وتمنح الإنسان القدرة على التعامل مع الأحداث وليس الاستسلام لها، وبشكل عام “الإيجابية” مهارات يستطيع الإنسان أن يكتسبها خلال حياته اليومية بشئ من التدريب والممارسة. ومضى قائلا : إن الإنسان الإيجابي في العمل هو ذلك الإنسان الذي إذا وجد نفسه في عمل ينطوي على الكثير من السلبيات والقصور ويواجه الكثير من النقد فإنه يسعى لنوع من التعامل لا يشل عمله ولا يقلل من أداءه وتطوره في العمل، بل يمتص هذه السلبيات وهذا القصور ويحاول التعامل معها، أو يقبلها إذا لم يستطع تغييرها، ومن ثم ينطلق ليواصل حياته. وأضاف : للمحافظة على الإيجابية في حياتنا على المرء أن يعرف أن الأحداث نفسها ليست هي التي تسبب المشاعر السلبية بل إن طريقة هذا الإنسان في رؤية هذه الأحداث وحديثه مع نفسه حولها هي التي تخلق المشاعر السلبية ، وهذا يعني أنك أنت أيها الإنسان بيدك تغيير هذه المشاعر وليست الأحداث هي التي تمنحك هذه المشاعر، كما أن هذا يعني أننا كلما استطعنا أن نحسن من طريقة رؤيتنا للأحداث فإننا نستطيع أن نقلل من تأثيرها السلبي علينا وبالتالي نستطيع أن نمتص هذه الأحداث ونواصل حياتنا دون أن تعطلنا أو تسبب لنا الضيق أو الألم أو الشعور السلبي . وتحدث الدكتور بكار عن كيفية رؤية الجانب المضئ في الحياة وكيفية المحافظة على بقاء هذا الجانب ، ورأى أن الإنسان لو كان يعيش في ساعته شعورا إيجابيا فما هي الضمانة لكي يتواصل هذا الشعور، لافتا إلى هذه فكرة مهمة للغاية، داعيا إلى اكتساب عدة مهارات في هذا الاتجاه، منها التفكر دوما بنعم الله عز وجل التي منحنا إياها وهي نعم كثيرة منها الإيمان بقضاء الله وقدره، وضرورة أن يتحول هذا التفكير من مجرد معتقد سطحي إلى ركيزة عقدية حقيقية، ثم الإيمان بأن هناك دوما فرصة لكي نفعل شيئا، فمهما إحلولكت الأمور ومهما تعقدت هناك فرصة لفعل شئ، إضافة إلى الإيمان أن وراء كل معضلة هناك فرصة أيضا للتعامل مع هذه المعضلة والخروج منها بدرس مفيد وأحيانا مكسبا حقيقيا من هذا الحدث السلبي . ثم بين كيفية تطوير الإنسان لحاله من وضع سلبي إلى إيجابي بطريقة رؤية متفائلة وفهم لحاله ، داعيا إلى أن على الإنسان أن يطرح على نفسه أسئلة عن: ماذا يدور في ذهنه ؟ ماذا يقول لنفسه ؟ وعندما يفحص هذا الشئ ينهج التفكير بإيجابية تخلصه من الشعور السلبي . واقترح للمحافظة على المسار الإيجابي في حياة الأسرة ان تكون هناك أفكارا كثيرة في هذا الاتجاه منها المحافظة على اللغة الإيجابية في البيت ، وعدم استخدام الكلمات التي تحمل معان سلبية، إضافة إلى تحفيز الأطفال بالجهد الذي يبذلونه وليس بالنتيجة. وركز على تنمية الإيجابية لدى الأطفال قائلا (هناك فرق بين أن نقول للطفل أنت ذكي أو غبي، وأن نقول له أنت بذلت جهدا جيدا)، مضيفا (حتى ننمي الإيجابية علينا أن نشكر الأطفال أو نكافئهم على بذل الجهد وليس على النتيجة لأن المطلوب أن تبذل جهدا ولا تتوان أو تتكاسل أما النتيجة فهذا أمر مختلف)، وفي المقابل من المعاني السلبية التي تنشأ في البيت عندما نتهم الطفل بصفة دائمة مثل أن نقول له أنت غبي الآن وطوال الوقت، بينما عندما نقول له في هذا الأمر أنت لم تحسن التصرف، ما كان يجب أن تتصرف بمثل هذا في هذا الأمر، فإن هناك فرق بين المعنيين ذلك أنك عندما تكرر على مسمع الطفل أنه غبي فمعناها أن صفة الغباء متأصلة فيه ولا يمكنه التخلص أو الخروج منها، بينما عندما يكون نقدنا محددا ومقرونا بنشاط معين فهذا يمنح الطفل إيجابية تعني له (أنك أيها الطفل لو بذلت جهدا أكبر فإنك لن تقع في هذا الخطأ في المستقبل، أما السلبية فتشعره أنه سيبقى جاهلا يرتكب الأخطاء بذل جهدا أم لم يبذل). وفيما يتصل بعلاقة الأبوين ببعضهما داخل محيط الأسرة وبين الأطفال أوضح الدكتور ياسر بكار أن هذه العلاقة ينبغي أن تكون دوما علاقة إيجابية تعتمد على صنع اللحظات الإيجابية وصنع اللحظات الجميلة واستعادتها كل حين، فالأزواج الايجابيون هم من يستعيدون اللحظات الجميلة ويتذكرونها جيدا.