كشفت دراسة حديثة عن نجاح برنامج (السياحة تثري) الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والآثار في زيادة وعي المجتمعات المحلية بأهمية تطويع البيئة السياحية ، وتحويلها من كنوز مهدرة ، إلى منتج اقتصادي وحضاري وثقافي وفكري بارز ومؤثر. ووفقا لاستطلاع ينفذ أثناء ورش عمل البرنامج ، استطاع برنامج تمكين المجتمعات المحلية (السياحة تثري) التأثير في المجتمع بأهمية السياحة ، بوصفها صناعة ترفع القيم الحضارية والثقافية للمملكة، إلى جانب زيادة دخل الفرد ، وتوفر فرص عمل جديدة ، بالإضافة إلى تطوير للبنى التحتية ، وتحسين مستوى الخدمات. وأثبتت أن ما نسبته 93% مستعدون للعمل في مجال السياحة متى ما أتيحت لهم الفرصة، وكشفت الدراسة أن نصف المشاركين في ورش عمل السياحة تثري في المملكة خلال ثلاث سنوات ، والبالغ عددهم أكثر من 2500 مشارك ، تغير لديهم مستوى الإدراك والوعي بالسياحة ، وحلت ثقافة الاستجمام والترفيه والمتعة المرتبة الأولى ضمن أراء المستهدفين بنسبة بلغت 40% , فيما حلت السياحة البرية في المرتبة الثانية بنسبة 12% ، وجاءت المعارض والمؤتمرات الثالثة بنسبة 11% ، فيما تنوعت النسب الباقية بين مظاهر سياحية أخرى كالبيئية وسياحة التسوق والأعمال والاستشفاء والسياحة الزراعية وغيرها. استهدف البرنامج منذ انطلاقته في عام 2008م قيادات المجتمع المحلي ، وأفراده من حرفيين ومهتمين بالآثار ومدراء الأجهزة الحكومية والجمعيات الخيرية النسائية ، وممثلي المجالس البلدية. وقد شملت ورش برنامج السياحة تثري كل مدن ومحافظات المملكة منذ عام 2008م ، حتى عام 2010م ، بواقع ثلاث مراحل ، نفذ خلالها 78 ورشة عمل كان آخرها خمس ورش عمل نفذت في بداية 2011م ، فيما تدخل المرحلة الرابعة في منتصف 2011م لتكمل ما عدده 120 ورشة عمل حتى نهاية العام الحالي. وعن هذا البرنامج يقول مدير جهاز التنمية السياحية بمنطقة القصيم الدكتور جاسر الحربش : إن ورش العمل التي عقدت في المنطقة جاءت بنتائج إيجابية ، ويتابع قوله (لعل الأثر الأكبر والأهم هو زيادة الوعي والاهتمام بالسياحة المحلية وسبل تطويرها من قبل فئات مؤثرة بمجتمع القصيم). ويزيد (بالإضافة إلى زيادة عدد الشركاء ، ونسبة المشاركة في التنمية السياحية بمنطقة القصيم, إلى جانب زيادة عدد المهتمين والمشاركين بتقديم الخدمات السياحية بالمنطقة)، مبينا تجاوب المجتمع المحلي نحو الاهتمام بالمقومات السياحية المتوفرة لديه والمساهمة في المحافظة عليها وتطويرها. ودلل الدكتور الحربش على ذلك بتطوير العديد من المواقع السياحية في المنطقة مثل موقع برج الشنانة بمحافظة الرس, وسوق المسوكف الشعبي بمحافظة عنيزة, وبلدة المذنب التراثية ، إلى جانب ما تشتهر به القصيم من قوى سياحية جاذبة للسياحة الوطنية مثل السياحة الشتوية والنخيل والتمور والتراث العمراني والسياحة الزراعية. ويرى أحد حضور الورشة وهو المواطن عوض الثقفي بالقول (كنا نمر بجوار بيوتنا القديمة ، ولم نكن نعي ثمنها وقيمتها سواء الحضارية أو الاقتصادية). ويضيف (كان للورشة أثر كبير في حياتي فقد تغير رؤيتي عن السياحة الاستثمار في مجال السياحة ، وتأكدت من خلال الورشة أنها بيئة خصبة ، ومكانا ملائماً للاستثمار) . ولفت إلى أن هدف حضوره إحدى الورش المنفذة في محافظة الطائف هو تثقيفي بالدرجة الأولى ، فيما رفعت لديه الحالة السياحية إلى درجة التفكير بعمق بتأهيل بيئته ، واستثمار مقومات الطائف السياحية .ويزيد بالقول (يجب أن نعطي قضية السياحة مساحة جيدة من وقتنا وأموالنا) . فيما علقت الأستاذة نورة الغانم عند حضورها أحد ورش عمل (السياحة تثري) إن هذا البرنامج عملي بالدرجة الأولى ، فهو يمكن المجتمع من استغلال مقدراته وتوظيفها نحو ما يخدمه ويخدم مجتمعه. وتلفت الغانم أن ذلك كله قد تحقق – ولله الحمد – وأصبحنا نرى المرأة الموهوبة في مجال الطبخ أو النسيج أو الأعمال الخزفية والأشغال اليدوية وتضاهي منتجات المصانع الكبيرة . من جهتها قالت الحرفية عالية الغربي لقد وجدت الاهتمام بعمل الخزفيات والأشغال اليدوية من طين وجبس وغيره من قبل رجال الاعمال والمهتمين والمسئولين في قطاع السياحة والآثار. مشيرة إلى أنها احترفت الأشغال اليدوية لأنها صارت مصدر رزق لها ولعائلتها. وعلى ذات المستوى يوضح جمعان الغامدي أن الورشة مهمة ولها أثر ، وبصفته رجل أعمال استفاد كثيرا من الأفكار المتداولة في البرنامج ، مؤكدا أنه سيعمل على تنفيذ العديد من المشاريع السياحية التي تعود بالنفع والفائدة عليه كرجل أعمال ، وعلى مجتمعه بالاستثمار في وطنه ذي المقدرات المختلفة والمتنوعة. من جهته يؤكد عبدالعزيز الزكري عضو التنمية السياحية في محافظة القويعية أثناء حضوره ورشة العمل المقامة مؤخرا في المحافظة أن انعقاد ورشة العمل في القويعية صاغت الكثير من الرؤى حول مستقبل السياحة في المحافظة ، مثل إيجاد متحف خاص بالمحافظة ، واختيار أحد البيوت الأثرية لذلك ، بالإضافة إلى البحث عن القطع الأثرية المتبعثرة في المحافظة وجمعها في مكان واحد ، وتحفيز القطاع الخاص للعمل على إيجاد بنية تحتية سياحية في المنطقة من شركات سياحية ، وشقق وفنادق على مستوى ملائم ، بالإضافة إلى الاهتمام بالمتنزهات البرية ، وإنعاش السياحة الزراعية .