جدل واسع أثارته موافقة الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري لأسرة فيلم “حسن ومرقص” وعلى رأسها الفنان عادل إمام بالتصوير داخل ثلاثة مساجد من أشهر مساجد مصر وهي الأزهر والحسين والمرسي أبو العباس، وانقسم علماء الأزهر ما بين مؤيد ومعارض لتصوير الفيلم في المساجد، وانتقلت القضية إلى البرلمان المصري على شكل طلبات إحاطة تحمل انتقادات للقرار، فما هي تفاصيل القضية وردود الأفعال عليها؟ ولماذا أخذت كل هذا الجدل؟ ويرى الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق أن الإسلام لا يعادي الفن النبيل الهادف الذي ليس فيه أي معصية أو مخالفة شرعية، ولكنه في الوقت نفسه يمنع السماح بانتهاك حرمات المساجد التي هي بيوت الله في الأرض، إذ وصفها سبحانه بقوله: “وإن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً “ أية 18 سورة الجن. ونحن في الشرع نقيس الحكم على أي قضية حسب أهميتها وأولوياتها ومدى اتفاقها مع قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات)، فهل هناك ضرورة قصوى تبيح الاعتداء على حرمة المساجد بالتصوير السينمائي فيها؟ بينما يمكن الاستعاضة عن ذلك ببناء استديوهات أو استئجارها وعمل ديكورات تؤدي الغرض المطلوب، فهذا يؤدي إلى الابتعاد عن المساجد أو حتى مجرد شبهة الاعتداء على قدسيتها أو التشويش على المصلين أو دخول فئات يحظر دخولها إلى المساجد ولو للحظة، ولهذا فالأولى الابتعاد عن التصوير في المسجد خصوصاً أن ما يتم تصويره ليس قضية دينية خالصة. المنع أفضل وتؤكد الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر أن مجاملة للفنان عادل إمام غلبت على قرار وزير الأوقاف بدليل أن الوزير نفسه هو الذي أيد بشدة قانون منع المظاهرات في المساجد للحفاظ على قدسيتها أليس الأولى أن نمنع التصوير السينمائي فيها وخصوصاً أن المخالفات ستكون مؤكدة من حيث الكلام الذي لا يتوافق مع الشرع ولو همساً لأنه من المفروض أن من يدخل المسجد يلتزم بالذكر لله وعدم الحديث بأي كلام يخالف ذلك وهذا ما وضحه القرآن الكريم في قوله تعالى: “في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار. ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب “ الآيات 36 – 38 سورة النور. والمتأمل لهذه الآيات سيجد الأغراض التي سمح الله فيها للناس بالدخول والبقاء بالمساجد وهذا لا يتوافر بلا شك في التصوير السينمائي الذي يتلفظ بعض العاملين فيه ولو من العمال بألفاظ مخالفة للشرع، فضلاً عن أن بعض الأدوار قد تتطلب أقوالاً أو أفعالاً لا ترضي الله فكيف ننفذها في بيته ليكون ذلك مخالفة شرعية، ولهذا فإن الأولى الابتعاد بالمساجد عن هذه الأمور حتى لا نبرر مخالفات لشرع الله وفي بيوته. عاصفة مجلس الشعب واحتدم الجدل داخل مجلس الشعب المصري حيث تقدم العديد من الأعضاء بطلبات إحاطة وأهمها ما قاله النائب محمد العمدة في طلبه حيث أكد أن قرار وزير الأوقاف خاطئ تماماً وغلبت عليه المجاملة دون الالتفات إلى الحرمة الشرعية ومراعاة قدسية المساجد التي أرادت الشركة المنتجة تحويلها إلى ستديوهات ما يعد اعتداء صارخاً على حق المصلين والمتعبدين وفي نفس الوقت توفيراً كبيراً للشركة التي لن تجد عرضاً مغرياً أكثر من ذلك. وأيده في الاتجاه نفسه عضو مجلس الشعب المصري عمران مجاهد الذي تقدم هو الآخر بطلب إحاطة اتهم فيه وزير الأوقاف بمجاملة عادل إمام وأهل الفن عموماً حتى لا يقال عنه إنه عدو للفن والفنانين. استعجال أما الفنان الكبير عادل إمام الذي أثار فيلمه تلك الأزمة فرفض التعليق على تلك الأراء مؤكداً فقط أن فيها نوعاً من التعجل في الحكم على الفيلم وتحديداً ما تم تصويره داخل المساجد ولكنه يؤمن برسالة الفن ورسالة فيلمه ولذلك فمثل هذه الأراء لن ترهبه خاصة وإنها ليست أول مرة يواجه فيها مثل هذه الانتقادات والاتهامات.