برز خلال الفترة الماضية الاهتمام الواسع لدى الكثير من المواطنين بالانتخابات وانصبت متابعة معظم شرائح المجتمع للانتخابات بعد أن دخلت المجالس البلدية ومؤسسات الطوافة نطاق الانتخابات لاختيار الأعضاء على غرار انتخابات الغرف التجارية والشركات المساهمة والأندية الرياضية وطوائف المهن والحرف. وكان هدف الدولة من توسيع نطاق الانتخابات منح المواطنين حق اختيار من يرونهم مؤهلين لتولي قيادة المنشأة وشكلت مثل هذه الخطوة تغيرا جديدا وتحولا قويا جعل الأندية الأدبية تخطو نحوها لتبدأ في تنفيذها هذا العام لأول مرة. وان كان حديث المجتمع المكي ينصب الآن نحو انتخابات نادي مكة الثقافي الأدبي والمرشحين لعضويته وما إذا كانوا من المؤهلين ثقافيا لتولي دفة إدارة النادي أم أن الأصوات ستنحاز صوب فئة دون أخرى؟. ومع تلك التساؤلات تطرح تساؤلات أخرى للمطوفين حول انتخاباتهم التي لم يعلن حتى الآن موعد إجرائها ولم تصدر لائحتها بعد فمن هم المرشحون ؟. وماهي برامجهم وخططهم المستقبلية ؟. وماذا بشأن من دونت عليهم ملاحظات خلال المواسم الماضية ؟. وبين هذه وتلك لابد أن ندرك أن ثقافة الانتخابات لازالت غائبة ولم تصل إلى ذهن شرائح المجتمع بشكلها الصحيح لأن القطاعات المشرفة على الانتخابات انحصر دورها على إصدار اللوائح المنظمة للانتخابات ولم تسع لطرح مفهوم وثقافة الانتخابات. فالايجابيات المحققة للانتخابات في الغرف التجارية الصناعية والشركات المساهمة والأندية الرياضية وغيرها لم تظهر. وفي المقابل لم تظهر السلبيات المسجلة على الأعضاء المنتخبين مما جعل الناخبين بعيدين عن طرح تساؤلاتهم التي منحهم إياها النظام وأجازته اللائحة المنظمة للانتخابات. فالوقوف على السلبيات الناتجة لانتخابات الدورة الماضية لمؤسسات الطوافة على سبيل المثال لم تحظ بالطرح ولا بالنقاش ومن بين تلك السلبيات تساؤلات بعض الناخبين حول وضعية بعض المرشحين الذين سجلت عليهم العديد من الملاحظات فماذا سيتم بشأنهم إن توقعنا استبعادهم من قبل وزارة الحج ؟. أم نتوقع استبعادهم من تلقاء أنفسهم ؟. إننا وان كنا نعيش تجربة الانتخابات في الكثير من القطاعات فلابد من الاستفادة الفعلية من التجربة ليكون المستقبل مليئاً بالحلول والمنجزات وأولى تلك الفائدة تتمثل في زرع ثقافة الانتخابات والتأكيد على الناخب بأن صوته أمانة وأن التغني ببرامج طموحة يصعب تحقيقها ماهي سوى فرقعات هوائية سرعان ما تتلاشى. فثقافة الانتخابات لا تقتصر على الرصد السطحي للبرامج المطروحة بل على مجريات الواقع الذي عاشه البعض وما رصدته الأحداث من نهائيات مؤلمة. ولا تقتصر على التصميم في اختيار المرشحين بل تتعدى ذلك إلى النظر نحو الرؤية الإستراتيجية البعيدة المدى وما سيكون عليه الحال خلال الفترة المقبلة. أما التغني بالقدرة على تقديم مستويات عالية وتطوير الأداء فهي شعارات كثيرة الطرح فهناك فرص ومجالات متاحة أمام المرشحين لطرحها برؤية علمية وعقلانية والعاقل هو من يدرك بأن التقدم والتطور ليس شعارا يتغنى به في الانتخابات إذ لابد من معرفة سبل وأساليب تنفيذ مثل هذه الشعارات فبمقدور المرشح الحديث عن قدرته بإحضار لبن العصفور وعلى الناخب أن يسأل هنا عن كيفية الإمساك بالطير والتأكيد بان الطير لا يحلب وان هذا الشعار غير منطقي ولا يمكن تحقيقه. ولو سعى الناخبون لدراسة البرامج والشعارات الانتخابية قبل الإدلاء بأصواتهم لعرفوا بان الكثير منها لاتعدو كونها شعارات براقة مليئة بالخداع. وحينها سيدركون بأن مثل هؤلاء المرشحين غير مؤهلين لقيادة دفة العمل خاصة حينما يكون تعاملهم على طريقة رحابة الصدر.