صدر كتاب (أمل دنقل أمير شعراء الرفض) لمؤلفه نسيم مجلي متناولاً فيه شعر أمل دنقل ومأساته، ودعوته إلى التمرد، وقصائده في مواجهة نكسة 1967، والقيم التراثية في شعره. يقول المؤلف :(لقد وضعت قصائد الشاعر في موازاة الأحداث، وأوضحت ما كانت تضمره وتخفيه.. فانجلى معنى الرفض ومغزاه .. فإذا هو رفض لكل ما هو قبيح ودميم.. رفض لفساد السلطة، وأساليب القمع، ومصادرة الحريات). ويضيف (عندما نقرأ أشعار أمل دنقل، سنجد بانوراما كاشفة تشير إلى مواطن الخلل وأسباب العلل المزمنة.. كانت قصيدة (الأرض.. والجرح الذي لا ينفتح 1966) رؤية فاجعة ونبوءة بكارثة وشيكة الوقوع.. فلم يكد ينقضي عام على نشرها حتى داهمتنا هزيمة يونيو.. وبعدها كتب أخطر قصائده التي كرست موهبته كشاعر أصيل وهي (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) ليكشف عن الخلل الخطير الذي أدى إلى وقوع المأساة. والعجيب أنه تنبأ في نهاية القصيدة الأولى بعقم النظم العربية وعجزها.. عن أي فعل مفيد، إذ ينهي القصيدة كالآتي: لم يبق من شيء يقال يا أرض هل يلد الرجال؟! وهكذا تتوالى قصائده لتكشف عن مصادر العجز والإفلاس الروحي المتجسد في عاملين هما: (التخلف الثقافي، والانتهازية السياسية). فيقول في قصيدة (لا تصالح): لا تصالحْ! ولو منحوك الذهبْ أترى حين أفقأ عينيكَ ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى؟ هي أشياء لا تشترى: ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك، حسُّكما فجأةً بالرجولةِ، هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ، الصمتُ مبتسمين لتأنيب أمكما.. وكأنكما ما تزالان طفلين! تلك الطمأنينة الأبدية بينكما: أنَّ سيفانِ سيفَكَ.. صوتانِ صوتَكَ أنك إن متَّ: للبيت ربٌّ وللطفل أبْ هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟ أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء.. تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟ إنها الحربُ! قد تثقل القلبَ.. لكن خلفك عار العرب لا تصالحْ.. ولا تتوخَّ الهرب!