أخذت هذا العنوان من لوحة معلقة في عدة مواقع بمكةالمكرمة شكراً لله لمن فكر ومن نفذ للتذكير بقدسية هذا البلد الأمين.. ومما اذكره ويناسب هذا انني كنت مرة بمعية العم الفاضل الشيخ محمد محمود سفر في زيارة لفضيلة الشيخ عبدالمالك الطرابلسي بالمكتبة رحمهما الله (مولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ودار الحديث عن فضل السكن بمكةالمكرمة او بالمدينةالمنورة فقال الشيخ عبدالمالك رحمه الله (ان السكن بمكةالمكرمة او بالمدينةالمنورة يقتضي ادبا كبيرا واضاف ان الادب المطلوب منا لا نقدر عليه) فقلت يا فضيلة الشيخ انت كنت بالطائف لأول مدرسة تحفيظ القرآن أكثر من عشرين عاماً وكنت كذلك بالطائف مدير مدرسة دار التوحيد عدة اعوام خلفا للشيخ بهجت البيطار رحمه الله وانت اليوم مدير لهذه المكتبة في هذا الموقع الذي ولد فيه الرسول صلوات ربي وسلامه عليه ومع ذلك تقول (ان الادب المطلوب منا شيء لا نقدر عليه فما هو حال العاجز مثلي؟ فرد رحمه الله لا تقل هذا يا خياط فالناجي يأخذ بيد أخيه، وعندها ذرفت عينا العم محمد سفر بالدموع فقال الشيخ عبدالمالك رحمه الله اعرف رجالا من ليبيا يرغبون لو أمكن لهم (وهم قادرون) المجيء الى مكةالمكرمة والاقامة بينها وبين المدينةالمنورة ولم يحصل لهم ذلك ويوما من الأيام وبمعية الزميل سعد الدين عباس عبدالجبار رحمه الله زرنا فضيلة الشيخ الفقيه الاستاذ الشاعر ابراهيم داوود عبدالقادر فطاني رحمه الله ذكرت لفضيلته ما قاله الشيخ عبدالمالك فقال ان الشيخ عبدالمالك من فروة رأسه الى أخمص قدميه ادب واعتذاره عن التأدب المطلوب لساكن مكةالمكرمة أو لساكن المدينةالمنورة هذا هو عين الادب ونحمد الله ونشكره الذي هيأ لنا ولأهلينا السكن في البلد الحرام ان يرزقنا من الحلال الطيب وان يكرمنا بالأدب المفروض وحسن التعامل مع القادمين (حجاجاً وزواراً ومعتمرين) .. ومن بين ما أذكر ان أخي محمد رحمه الله كان يقول لي إن بعض الحضارمة الذين كانوا يجيئون مكة للارتزاق (فمن كان منهم من السادة فإنهم يخفون أنسابهم والسبب أن الناس في الدكاكين أو في البيوت اذا عرفوا أنهم من آل البيت يتحرجون من اتخاذهم خدما لأن الخادم قد يحصل منه خطأ فيخاصمه عمه وهو يصبر لانه يريد أن يحصل على لقمة العيش وفي الجملة فإن الحضارمة مؤتمنون أكثر من غيرهم ويصبرون على شظف العيش وعلى الاغتراب فبعضهم يبقى الى أكثر من عشرين عاماً دفعة واحدة وعند بعضهم من يقول (غلبونا بالفلوس نغلبهم بالجلوس) وبعض الشبان منهم يدخلهم وكيلهم الشيخ عبدالله العادة رحمه الله زاوية الشيخ ابراهيم خلوصي الحلواني بباب الزيادة يتعلمون الحساب والخط والاملاء وجل موظفي البنك الأهلي من بينهم ... والشيخ ابراهيم خالي من الرضاع وكان يملك داراً بمنى مجر الكبش يذهب اليها اسبوعياً مع بعض الأصدقاء وبعض الطلبة للتنزه والفسحة بتغيير الجو واذهب معهم أحياناً (بإذن الوالدين رحمهما الله) وقد كان الشيخ ابراهيم يتجاوز عن بعض الدارسين في أتعابه لفقر أهلهم وتوفى يوم عرفة ودفن في احرامه بعرفة ويبعث إن شاء الله يوم القيامة محرماً ملبياً والله نعم المولى ونعم النصير.