رعى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة مساء أمس الأول الحفل الذي أقامه نادي الرياض الأدبي بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض التكريم الشيخ محمد بن ناصر العبودي بمناسبة فوز معجمه (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة) بجائزة كتاب العام في دورة نادي الرياض الأدبي الثالثة 1431ه. وفي بداية الحفل ألقى معالي نائب وزير التربية والتعليم المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر كلمة أعلن خلالها أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله أمر مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بطباعة (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة). وقال ابن معمر (عندما اطلع خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على هذا العمل الضخم أمر المكتبة بطباعته ، وهذا دليل على تكريم خادم الحرمين الشريفين للعلم والعلماء). وأشار معاليه إلى أن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تشرفت بأن يكون هذا العمل مقرونا بها . عقب ذلك ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة كلمة قال فيها ( حينما تحتشد هذه الصفوة المتميزة من المثقفين والمثقفات لتكريم عالم ومثقف من أبرز مثقفي المملكة العربية السعودية ووطننا العربي الكبير ، هو معالي الشيخ العلامة محمد بن ناصر العبودي ، في ضرب من الاحتفاء بكل ما هو علمي وثقافي ، وفي صورة من الانفتاح الواعي على الأجيال ، وفي جائزة ثقافية تنتصر للكتاب وتضع لبنةً في طريق العمل الجاد ، وفيما نحن بسبيله فإنه احتفاء بهذا الضرب من العمل العلمي الشاق الذي عرف به شيخنا العلامة - مد الله في عمره - الذي ملأ حياتنا الثقافية بأعماله الأدبية والجغرافية والتاريخية واللغوية والإسلامية في رحلة مع الكتابة والتأليف جاوزت الخمسين سنة) . وأشار معاليه إلى أن حصول كتاب الشيخ العبودي على جائزة نادي الرياض الأدبي للكتاب يطرح جملة من التأملات والخواطر أهمها احتفاء مجتمعنا ومؤسساته الثقافية بالكتابة والتأليف ، ونمو معدلات القراءة والاطلاع ، وهذا ما تنبئ به معارض الكتب في بلادنا ، وفي البلدان العربية ، فالقارئ السعودي شغف بارتياد المكتبات والمعارض الدولية للكتاب ، وبلادنا أصبحت الآن مركزاً مهماً لصناعة الكتاب، وأصبح من المظاهر المألوفة في العاصمة الرياض انتشار المكتبات التي تتيح لمرتاديها الجديد في عالم الكتب الجديدة والقديمة والمخطوطة ، حتى ليمكن القول: إن الرياض أصبحت في السنوات الأخيرة عاصمة للكتاب العربي . ولفت معالي وزير الثقافة والإعلام النظر إلى أن الاهتمام وتلك العناية وحفاوتنا برموز الثقافة وروادها في بلادنا ، هو ما يبعث في القلب الطمأنينة والفرح أن لا قطيعة بين الأجيال ، وقال (ما احتفالنا هذه الليلة برمز من رموز الرعيل الباني في ثقافتنا ، وما هذه الوجوه الشابة التي التفت حول الشيخ العبودي إلا تأكيد للاتصال الثقافي بين الأجيال ، وهذا يعني بناء ثقافة وطنية يتصل فيها القديم بالجديد دونما افتعال للصراعات الثقافية). وأردف قائلا (إن فوز الشيخ العلامة محمد بن ناصر العبودي بجائزة نادي الرياض الأدبي للكتاب، هو فوز للثقافة الرصينة في بلادنا ، فشيخنا العبودي بما عرف به من سعة في العلم ، وتنوع في التأليف ، ومكابدة على مشاق التأليف والتصنيف ، يعيد إلى ذاكرتنا مآثر خالدات للعلم العربي الإسلامي في تراثنا العربي العظيم ، حين انقطع جمهرة مباركة من علماء هذه الأمة للتصنيف والتأليف ، فأبدعت هذه الأمة وقدمت للإنسانية فكراً مبدعاً ، وأدباً أصيلاً ، وها نحن الآن نعيش طرفاً من تاريخنا المضيء في شخص هذا العالم الجليل ، سيوطي العصر ، علماً وتصنيفاً وتأليفاً ، وهو يعيد إلى أذهاننا تلك الموسوعية التي كانت ميزة من مميزات حركة التآليف في تراثنا العربي الخالد، فالعلامة العبودي : عالم في الدين ، والبلدانيات ، والآثار والتاريخ ، واللغة ، والأدب ، والرحلات ... وفي كل هذه العلوم ضرب بسهم وافر ، وكان فريد عصره في هذه المؤلفات العلامات ، وأحسب أنه في الرحلة كان سندباد زماننا هذا ، فعشنا مع رحلاته الكثيرة هموم عالمنا الإسلامي ، وتعرفنا على عادات الشعوب الإسلامية وثقافاتهم ، ووقفنا على الأدوار الجليلة التي بذلها الشيخ العبودي في متابعة أحوال الأقليات الإسلامية في مختلف دول العالم ، وربط حاضر إخواننا المسلمين في الشرق والغرب بأجدادهم الذين كان لهم سبق في حضارتنا الإسلامية العظيمة). ووصف معاليه كتاب الشيخ العبودي الذي اتخذ من البحث عن الأصول الفصيحة للمفردات العامية ، بأنه من الأعمال الموسوعية التي تجعل الشيخ العبودي من أئمة هذا الشأن في ثقافتنا العربية ، بما أوتيه من معرفة واسعة ، وعلم كبير بأصول الكلمات والعمل المعجمي الشاق ، حتى أخرج لنا هذه الموسوعة العظيمة في ثلاثة عشر مجلداً ، تعبر لمن ألقى نظرة على مجلداتها الكبيرة عن تلك المشقة وذلك الصبر اللذين بذلهما الشيخ العبودي في تأليفها ، أما من صبر على قراءتها والاستفادة منها فقد فاز فوزاً عظيماً. ورفع معاليه في ختام كلمته الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على أمره حفظه الله لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة بطباعة هذا الكتاب القيم . ثم ألقى رئيس نادي الرياض الأدبي بالرياض الدكتور عبدالله الوشمي كلمة هنأ فيها الشيخ العبودي بمناسبة فوز معجمه بهذه الجائزة منوها بجهوده في الكتابة والتأليف لافتا النظر إلى الأهمية التي تكتسبها الجائزة باجتماع الجميع لتكريم شخصية مثل الشيخ العبودي ممثلة في كتابه (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة) الفائز بالجائزة . وأشار إلى أن هذه الجائزة يمنحها النادي وفق الأطر التنظيمية التي تتيحها وزارة الثقافة والإعلام وتؤسسها لوائح النادي والجائزة . كما ألقى معالي رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد كلمة أشار فيها إلى أن الشيخ العبودي بدأ تأليف هذا المعجم منذ عام 1367 ه رغم قلة المدارس والتعليم في وقته مشيرا إلى أنه يتميز بذكر تفاصيل ما يراه وكثرة إنجازاته وإنتاجه الوفير . وألقى الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري كلمة نوه فيها بكتابات الشيخ العبودي العلمية الرصينة شاكرا وزارة الثقافة والإعلام ونادي الرياض الأدبي على تكريم المثقفين والباحثين . وفي الختام ألقى الشيخ العبودي كلمة استعرض فيها تاريخ المعاجم في المملكة وتأليفها ، حيث استعرض تجربته الطويلة في تأليف المعاجم ومن ذلك (معجم بلاد القصيم) في ستة مجلدات و(معجم الأمثال العامية) في خمسة مجلدات و(معجم كلمات قضت) وهو يعنى بالكلمات العامة التي ماتت وهجرت . كما استعرض الشيخ العبودي تجربته في تأليف المعجم الفائز بالجائزة حيث قال (هذا الكتاب اشتمل على قدر عظيم من الكلمات التي لا يمكن إغفالها لأنها كانت حية نامية تتردد على ألسنة الأباء والأجداد ومن سلف ومعظمها رصدها لأول مرة علماء اللغة الذين رصدوا الكلمات في القرنين الثاني والثالث الهجري فهي مهمة للمعاجم لأنها رصدت قبل أكثر من 1200 سنة. وفي الختام سلم معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجه درع نادي الرياض الأدبي وجائزة النادي إلى الشيخ محمد بن ناصر العبودي . كما تسلم معاليه درع نادي الرياض الأدبي . حضر الحفل معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين وعدد من المسئولين والمثقفين.