يحتل مسجد القبلتين بالمدينةالمنورة مكانة خاصة لدى المسلمين ، فيه تحولت القبلة من بيت المقدس في فلسطين ، إلى الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة فسمي مسجد القبلتين ، وشهد المسجد منذ المائة الأولى من الهجرة تجديدات خارجية وتحسينات داخلية إلى هذا العصر ، حتى غدا معلماً بارزا من معالم المدينةالمنورة ، وشاهدا من شواهد العمارة الإسلامية . في العام الثاني من الهجرة وتحديدا الخامس عشر من شهر شعبان كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزور أم بشر من بني سلمة معزّياً فصنعت له طعاماً وعند صلاة الظهر نهض عليه السلام يصلي ، وبعد أن أتم ركعتين نزل عليه الوحي بالتحوّل إلى الكعبة المشرفة في الآية الكريمة (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ). البقرة:144 نزول الوحي على رسول الهدى بالتحول إلى قبلة الكعبة المشرفة بعد أن كانت القبلة هي بيت المقدس ، استقبله اليهود بغيظ شديد فتساءلوا ما ولًاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فنزل الوحي الإلهي (قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) البقرة:142. ومنذ ذلك التاريخ عرف المسجد باسم (مسجد القبلتين) لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى فيه شطر صلاته قِبل المسجد الأقصى والشطر الآخر قِبل المسجد الحرام وذكر ابن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زار أم بشير بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعاماً وحان وقت الظهر فصلّى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بأصحابه ركعتين ثم أمر أن يوجّه إلى الكعبة فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمي المسجد مسجد القبلتين. مسجد القبلتين بالمدينةالمنورة يقع على ربوة من الحرة الغربيةبالمدينة ، بنوه بنو سواد بن غنم بن كعب في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مواد البناء آنذاك هي اللبن والسعف وجذوع النخيل ولهذا المسجد أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي ، نظرا لاهتمام الولاة والسلاطين والأمراء الذين تعاقبوا على حكم المدينةالمنورة ، بالتجديد والبناء والتوسعة. وفي عام 87 ه جدد والي المدينةالمنورة عمر بن عبدالعزيز عمارة المسجد ، مع سائر المساجد التي صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي عام 893ه جدده شاهين الجمالي ، وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني أصلحت عمارة المسجد ودوّن ذلك على لوحة رخامية وضعت على أحد جدار المسجد الخارجية وقد وصفه بعض الرحالة أنه مسطح مغطى بقبة وليس له مئذنة ومع مرور الزمن تهدم شيء من بنيان المسجد، وأهمل أمره حتى العهد السعودي الزاهر فقد أمر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بتجديد عمارته وتوسعته وبناء مئذنة وإقامة سور حوله وبلغت مساحة المسجد بعد توسعة الملك عبدالعزيز 425 متراً مربعا. وفي سياق اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - واستشعاره بمدى وضرورة أن تكون المساجد على أحسن وجه وذلك لمكانتها الدينية أمر بهدم وإعادة بناء المسجد وإعادة تخطيط المنطقة التي يقع المسجد فيها وتوسعته وفق أحدث التقنيات والتصاميم الهندسية مع إضفاء اللمسة الهندسية المعمارية ذات الطابع الإسلامي عليه وحرص - رحمه الله - على تفقد سير العمل به أثناء زياراته المتكررة للمدينة المنورة. ولا يخفى على أعين المترددين على مسجد القبلتين ما تم تنفيذه بهذا المسجد في العهد السعودي الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - من تحسينات وتطورات لخدمة الحجاج والزوار الذين يحرصون على زيارة المسجد والصلاة فيه ويتذكرون تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام حيث أصبح المسجد علامة بارزة من علامات طيبة الطيبة الأثري ومقصد لكل زائر .