من يتطلع أن يستعرض الدور المفترض الذي خرجت به تعليمات وزارة العمل وراء إنشاء اللجان العمالية للمنشآت السعودية قبل عدة سنوات، وذلك ضمن أهداف قيمة ومحددة انطلقت من أجل المصلحة المشتركة في استقرار المنشأة والعاملين فيها، وضمان الحقوق المتبادلة بينهم بما يتجه ضمنا لتنمية الموارد البشرية ولحماية العاملين والحفاظ على المواهب والكفايات النابضة، فسوف يلاحظ أن بعضا من المنشآت لم تجرؤ على وضعها بجدية في سياساتها التطويرية والتنظيمية، وان وضعت فهي في هامش مخفي بعيد لا يمكن الوصول إليه إلا في وقت الفحص والتدقيق والمراقبة، مضافا إلى ضعف النصح والإرشاد وقلة رعاية ورقابة الوضع من جميع جوانب التنفيذ من قبل وزارة العمل الراعي الرسمي لهم، غافلة الوزارة من الاستفادة من الدعم اللوجستي المجاني لمخرجات تلك اللجان وخبرات أعضائهم في مساعدتها والمساهمة لإخراجها من أزماتها ضد البطالة والتوظيف والتطوير ودعم السعودة والمحاكم العمالية إلى ما هو أبعد في دحض التدخلات الخارجية من ناحية الاتجار بالبشر وقانون الكفالة المعنية به بعض الانتهاكات الفردية للعمالة الأجنبية. إن خروج قرارين جديدين من مجلس الشورى قبل ثلاث سنوات تقريبا لتعزيز تفعيل المجلس الاستشاري للعمل وتكوين اللجنة التنسيقية للجان العمالية، لم يغيرا من الأمر شيئا ولم يجدا تشجيعا أو مساندة ودعما ومتابعة تذكر فقد تم الإعلان عنهما من قبل الوزارة، فتوقَفَ القراران منذ ذلك الحين وبقيا صامتين ولم يتحركا حتى الآن بعد دخول الدورة الجديدة لمجلس الشورى، وان اعترضت الوزارة على ما أنقل من واقع مرير عن مسؤوليتها في تدني وضع اللجان العمالية، فلتفند وتثبت العكس بالحقائق والأدلة وتبرر مصير اللجان المتواجدة حاليا في الساحة العملية، في اضمحلالهم صيتا وثقة بين العمال، وأصبحوا في غيبوبة وضمور عميق بعد أن كانوا يُظهِرون أملا ووهجا مستقبليا خاصة في مخرجات الحوار الوطني السابع للعمل والتوظيف عام 2007، والتي كان لسابك فيها من خلال لجنتها والموارد البشرية موقعا مميزا في إظهار التناغم والإندماج والتعاون المثمر والشفاف الذي يحتذى به. لكن التناقض والتقصير التنفيذي الحقيقي في السياسات التطويرية للمنشآت غير الجادة منها وغير الملتزمة واضح وجلي في الفترة الراهنة، وبغض النظر عما يتم تداوله ضمن التسويق بمساهمة اللجان في صياغة الخطط الإستراتيجية التي يتوجب خضوعها لنبض الشارع العملي، وهو ما لم تفعله تلك اللجان بالشكل المطلوب، بل لم نلحظ حراكا جديا من هذه اللجان المتواجدة شكلا في عدم استشعارها وتقييمها لمستوى النتائج السلبية للبيئات العملية المتشنجة من قلة السعودة وانتشار العمالة الأجنبية بالطرق الملتوية “كعقود الإمداد” والمحسوبيات في التوظيف، وللقرارات التغييرية التي تحدث داخل منشآتها، ومدى التأثير الذي ستتركه تلك التغييرات غير الناضجة باتجاه حرق الإبداع والمبدعين والموهوبين، وقد أخذ البعض بالفعل من هذه اللجان مسلك الضعف في الصمت المطبق أو المداهنة لما تشتهيه منشآتهم، وهو دليل وشاهد حي على ضعف اللجان، ومن المتوقع في الدورات الانتخابية القادمة أن لا ترى منتخبين ولا مرشحين يذكرون وستدفن وتصبح في خبر كان. فإن أراد بجد المعنيون من كل الأطراف سواء التشريعية أو التنفيذية انتشالا للجان العمالية الغرقى والمنسية بالأصل وإنقاذا لما آلت إليه أوضاعهم المنحدرة والحفاظ على ما تبقى من الكفايات البشرية ومن المبدعين والناضجين عمليا إن وجدوا بعد هبوط الكثيرين منهم اضطراريا إلى منحدرات الإحباط والتحطيم، فعليهم العمل لاستعادة الثقة بين هؤلاء والناخبين في وضع تصور لقرار مدروس يرحِّل الرعاية والمسؤولية للجان إلى اللجنة التنسيقية للجان العمالية والمجلس الاستشاري للعمل من أحضان وزارة العمل المثخنة بقضاياها ومشاكلها، الذي أوعز عدم تفرغها إلى تفاقم ضعف اللجان يوما بعد يوم، مع المناشدة أن تتم متابعة تفعيل قراري الشورى وإنعاشهما مرة أخرى.