تناثرت الكلمات وتطاولت الأعناق وقرعت الطبول ورقص الشباب وأقيمت الحفلات. انطلقت الأشعار المغناة وعزفت الموسيقى حُملت الأعلام وامتلأت الشوارع شباب يجوبون بسياراتهم الأحياء اكتست وجوههم الفرحة يعبرون عما بداخلهم من حب للوطن ترتفع صوت أجهزة التسجيل بأغاني الوطن وأهازيج جميلة كلام منثور وآخر مقفى خليط من المشاعر والسلوكيات سيطر على الشباب في الشوارع. كان يوم الأربعاء وليلة الخميس لوحة فنية من أرقى أنواع الصور لم تكن تحتاج لرسام يجسدها ويتكلف فيها باختيار ألوان مكونات الصورة لأنها جاءت كما رغبت مشاعر شخوصها المشكلين للمنظر الجمالي بداخلها غطى اللون الخضر معظم أجزاء اللوحة لذا كانت تشع حياة وطموحاً وأملاً. هكذا كانت الصورة تكررت في كل حي وكل شارع وكل قرية وكل مدينة من مدن هذا الوطن المترامية الأطراف احتفالاً بعيد اليوم الوطني للمملكة عيد تلاه عيد. جعل الله أيام هذا الوطن وأعوامه القادمة كلها أعياد في أعياد. وفي خضم هذه الاحتفالات والفرح الذي عم أرجاء الوطن كان لابد لكل حصيف ومثقف وشاب وشابة من أجيال هذا الوطن الذي يشكل غالبية سكانه من الشباب وأعتقد بل أكاد أجزم انه حصل أن يسأل نفسه ماذا قدمنا لهذا الوطن الكبير وماذا سنقدم؟ والكل يدرك أن احتفالاتنا اليوم بالعيد الوطني للمملكة تختلف عن احتفالاتنا بالأمس، لأن الأمس رحل بكل أحداثه وظهر يوم جديد يحمل وجوهاً غير الوجوه التي كانت ، وأحداثاً غير الأحداث التي كانت، لا يمكن أن تتوقع اتجاهات رياحه ولا يمكن أن تؤكد أحداث مجتمعه، لا تضبطه الخطط الإستراتيجية، ولا تسيطر عليه احتياجات المجتمعات بكل أطيافها، يتطلب منا ذهناً متقداً وسرعة بديهة وتفاعلاً مع الأحداث. فما الذي فكرت في تقديمه للوطن في يومنا الوطني ؟ ان قوة استمرار تاريخ حضارات الشعوب تأتي من انجازاتها التي أثرت مرحلتها وأثرت فيمن حولهم واستمرت ليستفيد منها من هم بعدهم، ولم يعد هناك قيمة للعشوائية في العمل واستخدام أسلوب ( الصح والخطأ) للوصول للحقائق نحن بحاجة لتحديد الأهداف ووضع الرؤية والرسالة لما نريد تحقيقه فمعظم الدول حولنا تتسابق في الوصول إلي تحقيق الأهداف، تقدم المسلمون في ماليزيا لأنهم وضعوا أهدافاً ورؤية ورسالة يرى الماليزيون أنفسهم بحلول عام (2020) في مصاف الدول المتقدمة على ضوء الخطة التي وضعها مهندس التغيير في ماليزيا ( مهاتير محمد) ولا يمكن أن تكون في ماليزيا وتلتقي بطلابها في جميع مستويات التعليم بالإضافة لمثقفيها وكتابها إلا وتسمع عن (vision 2020 ) خطة تغيير المستقبل التي اقتنعوا بها وتبنوها ويسعون لتحقيقها. وهذا ما نريده من شبابنا أن يتبنى خطة الإصلاح والتطوير والتنمية التي ينادي بها حارس هذا الوطن وحاميه الملك الصالح عبدا لله بن عبدالعزيز انه يدعونا لمشروع وطني كبير يدفع بنا إلى تجاوز خطوط الزمن المعيقة لتطورنا لقد رسم لنا الخطوط ويردد في كل خطاب توجهاته وآماله لهذه الأمة وهو ينتظر من الشباب الفهم والإدراك والوعي لخدمة الوطن والنهوض به نتمنى أن تكون احتفالاتنا الوطنية القادمة بما حققنا خلال عام من آمال مليكنا وقائد نهضتنا في هذا البلد الكريم يجب أن يكون احتفالنا القادم باليوم الوطني في جميع أرجاء المملكة شرقها وغربها جنوبها وشمالها ووسطها بما حققنا من أهداف بصوت واحد ورضا واحد وقناعة واحدة وحب متكامل لا تسعه الأرض فالوطنية تقاس بقدر التعلق والتمسك بالوطن وبمقدار رفض التخصيص والتخصص الذاتي إن كان قومياً أو دينياً آو طائفياً أو مناطقياً. نريد أن نردد جميعاً ما قاله الشاعر وتغنى به الفنان طلال مداح رحمه الله: روحي وما ملكت يدايا فداه وطني الحبيب وهل أحب سواه وطني الذي قد عشت تحت سمائه وهو الذي قد عشت فوق ثراه وكل عام والجميع بخير.