بعد مرور خمس سنوات على الاجتياح، يقول عراقيون ارغمتهم الاوضاع الامنية المتردية على مغادرة بلدهم الى الاردن ان العودة الآن "انتحار"، وذلك رغم التقارير التي تشير الى التحسن الذي طرأ على الوضع الامني. وتساءل ماجد حسن (46 عاما) المقيم في عمان منذ خمس سنوات "كيف لي ان اعود الى العراق؟ فالعودة تعني الانتحار، افضل ان اعاني الامرين هنا على العودة الى حيث الموت المحقق". وقال حسن بائع معدات الحلاقة والاجهزة الكهربائية الصينية المنشأ لوكالة فرانس برس ان "الحديث عن تحسن في الأوضاع في العراق هراء (...) فعمليات القتل والتفجيرات ما تزال تحصد ارواح الابرياء يوميا ناهيك عن عدم توفر الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء والمشتقات النفطية". واضاف بينما كان يرتب بضاعته على الرصيف في وسط عمان "حتى المسؤولين العراقيين الحاليين مع كل حماياتهم لا يشعرون بالأمان بحيث تنحصر انشطتهم في المنطقة الخضراء" المحصنة. ويتابع "رغم انني لست من انصار النظام السابق لكنني اتحسر على زمن صدام حسين حين (...) كنا نشعر بالامن والاستقرار. اخطأ صدام بخوض ثلاثة حروب خلال عشر سنوات لكن كان هناك دولة نظام وأمن وقانون لم يتجرأ احد للاعتداء على الأخرين". ويؤكد ماجد "لن اعود الى العراق الا اذا خرجت الولاياتالمتحدة واجريت انتخابات حرة ونزيهة لاختيار ابناء البلد وليس اولئك الذين قدموا الينا على ظهر الدبابات الاميركية واستولوا على خيرات بلدنا". اما ابراهيم (37 عاما) وهو من سكان الموصل (370 كلم شمال بغداد) ويعمل في مطعم عراقي شعبي في عمان فيقول "نحن نفضل البقاء في الاردن او سوريا رغم وضعنا المادي المزري على العودة الى الموت في العراق". واضاف "هنا على الاقل نشعر بأمان واستقرار وليس بالخوف كما شعرنا في العراق". وتساءل ابراهيم الذي اكتفى بكشف اسمه الاول "كيف يقولون أن الوضع الامني تحسن؟ فهل مر يوم واحد منذ عام 2003 ولم نسمع بوقوع قتلى او انفجار سيارات او عبوات ناسفة؟". ويؤكد ان "القتل يجري بشكل يومي وعلني سيارات شرطة تقتل وتهرب، قتل أخي وفقدت اثنين من ابناء عمومتي وآخرين من اقاربي قتلوا او خطفوا من قبل مليشيا جيش المهدي لا ندري عنهم شيئا". ويؤكد "سأعود عندما تكون هناك حكومة غير طائفية وعندما تختفي الميليشيات". ويتفق ابو فرح (45 عاما) وهو تاجر من بغداد، مع ما ذهب اليه ابراهيم وماجد قائلا "لا اعتقد ان الوقت مناسب للعودة فالوضع الامني سيء للغاية". ويضيف "لا اعتقد ان من خرج من وطنه مرغما سيعود اليه دون زوال الاسباب التي اجبرته على الخروج". ويرى ابو فرح ان الحديث عن تحسن الوضع الامني "كلام فارغ" مضيفا انه "لا يجدر بأحد ان يعود الى هناك الا اذا رغب شخصيا بالمجازفة بحياته". ويتابع "كان لوجود صدام دور كبير لا احد يستطيع ان ينكره في ادارة الدولة وحفظ الامن ولا اعتقد انه سيأتي يوما ما شخص مثله ليقود العراق من جديد". من جهتها، تقول عراقية ترتدي العباءة التقليدية وتفترش الارض عارضة بعض الحاجيات للبيع ان "الحياة صعبة هنا وكلنا نعاني شظف العيش لكن هذا لا يقارن بما يحدث الان في العراق". وتضيف المراة المسنة والدموع تملأ عينيها "لست على استعداد للعودة كي افقد حياتي فمن المهم ان ابقى على قيد الحياة للاعتناء بزوجي الضرير لاننا لم ننجب اولادا". وتفيد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان 4،2 مليون عراقي فروا من بلدهم منذ اجتاحته القوات الاميركية في آذار/مارس 2003. ولجأ قرابة 4،1 مليون من هؤلاء الى سوريا في حين يقيم ما بين 500 الف و750 الفا في الاردن. وقرر الاردن منتصف شباط/فبراير الماضي اعفاء الراغبين بمغادرتها من كامل الغرامات المالية التي تترتب عليهم نتيجة تجاوزهم مدة الاقامة الممنوحة لهم. وتقدر مصادر عراقية في عمان عدد العراقيين المخالفين لقانون الاقامة في المملكة بنحو 360 الف شخص. وتبلغ قيمة الغرامة المفروضة على الشخص الواحد 540 دينارا اردنيا (760 دولارا) سنويا. ويقول مسؤولون عراقيون ان هذه الاعباء المالية تحول دون عودة اعداد كبيرة من المقيمين في الاردن. الا ان زياد عياد، المسؤول في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في عمان، اكد لوكالة فرانس برس "عدم وجود مؤشرات تدل على ازدياد اعداد العراقيين المغادرين المملكة الى العراق" رغم الاعفاء من الرسوم. واضاف "لم نلاحظ وجود اقبال على المغادرة الى العراق (...) لا توجد ارقام دقيقة حاليا الا ان الفرق الميدانية تجري استطلاعا حول رغبة العراقيين في المغادرة واسباب ذلك او رفضهم للامر".