بحكمة وبسالة.. وشجاعة وعزيمة.. وكفاح وعصامية.. وبعد حقبة طويلة من الزمن والجهاد، تحلت بالصبر والجلد أمام التحديات والمعارضات والمعارك. استطاع الملك المجاهد الحكيم والبطل الهمام جلالة الملك المغفور له بإذن الله عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه أن يوحد شمل الجزيرة العربية وتأسيس كيانها الكبير باسم (المملكة العربية السعودية) سنة 1351ه 1932م ليقضي بذلك ما كان يسودها من صرعات وتناحر وفتن وسلب ونهب وقطيعة إلى وحدة قوية متماسكة قوامها الدين والعقيدة والأخوة والتعاون.. وأن يلم شملها تحت إدارته ولوائه وسيطرته. وبعد معركة التوحيد واستتباب الأمن أمر الرعية من حيث الوحدة والتماسك.. يتجه الموحد رحمه الله إلى المهمة الأهم للدولة وتتمثل في بناء الكيان الاجتماعي وبنيته التحتية (اجتماعياً واقتصادياً وإدارياً) قضاء على التخلف الذي كان يسود الحياة الاجتماعية قبل مرحلة التوحيد. واستطاع بحكمته وسداد رأيه وفكره أن يلحق بركب الحضارة بقيادة ماهرة ورؤية ثاقبة. وأن يطل على العالم وعلومه الحديثة بإقامة العلاقات العديدة سياسياً وثقافياً وعلمياً وفق خطة محكمة هدفها التطلع للأفضل في جميع المجالات. وفي عام 1373ه 1953م انتقل جلالته إلى الرفيق الأعلى بعد أن أرسى القواعد الراسخة للمملكة العربية السعودية من خلال النسيج العضوي الحي ما بين المنطق القومي الصحيح والعقيدة الإسلامية السمحة. يقول موريس جورنو (إذا كان ابن سعود قد نجح في لم شعب الجزيرة العربية تحت لوائه.. وإذا كان قد جعل من بلد مضطرب آهل بالعصابات. البلد الأكثر أمناً في العالم فمرد ذلك ليس القوة والسيف بل لأنه سكب في أعماق الأمة الناشئة أقوى عوامل التراص والتماسك.. أي التقيد الشديد بأحكام القرآن. أمضى الملك فيصل المولود في صفر من عام 1324ه أبريل 1906م (40) سنة يعمل في السياسة ويمارس مهمات مسؤوليات الإدارة خلال حكم أبيه الملك عبدالعزيز وكذلك حكم أخيه الملك سعود.. فأكتسب بذلك خبرة طويلة في الممارسة والتجربة والسياسة أهلته لقيادة الدولة السعودية. يوم أن تسلم مقاليد الحكم والقيادة فيها وقد نودي به ملكاً في 27 جمادى الآخرة من عام 1384ه 1964م وعين أخوه خالد بن عبدالعزيز ولياً للعهد. وقد تربى في كنف أخواله في بيت تقى وعلم فقبس منهم الفضيلة ومكارم الأخلاق ودرج في ظل والده العظيم فأخذ عنه البطولة والحكمة والشخصية الفذة التي هي أشبه ما تكون بالبحر عمقاً واتساعاً. استبشر المواطنون خيراً بتسلم جلالته مقاليد الحكم للصفات والمزايا والخبرة والبطولة وسداد الرأي التي يتمتع بها في الداخل والخارج والمكانة المتميزة التي يحتلها بين رؤساء دول العالمين العربي والإسلامي خاصة ودول العالم الأخرى عامة. فاذكر عباقرة العالم كان جلالته رحمه الله في طليعتهم لعبقريته الفذة ورأيه السديد وفكره النير وحكمه العادل وضميره الحي وحرصه الشديد على لم شمل العرب والمسلمين إلى كلمة سواء وحل قضاياهم المصيرية لما فيه خيرهم وفلاحهم دون محاباة أو تسويف أو انحياز أو تفرقة. ولحرصه على حل قضايا العرب والمسلمين.. وتحكيم شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في مسار حكمه والعمل الدؤوب لما فيه خير أمته ووطنه نحو تحقيق نهضة شاملة تواكب العصر ومتطلباته في شتى مجالات الحياة فقد وفق في هذا المسار، وغمرت البلاد نهضة تقدمية على كافة الأصعدة أسعدت المواطن في حياته ومستقبله.. وتحددت معالم التنمية وخططها.. وتوطدت دعائم البنية التحتية. واستكملت المرافق الخدمية والتنفيذية. فلقب بالملك الحكيم والراعي الأمين.. وبطل المهمات الصعبة.. ورائد التضامن الإسلامي. وظل المرجع الوثيق والمستشار الأمين لحل قضايا العرب والمسلمين ولم شملهم على كلمة الحق والعدل والقرآن والسنة. ومن أقواله العديدة وخطبه البليغة التي تنبض بالخير والحكمة وخير العمل والتي كانت وما تزال نبراساً يستضاء به في دنيا العروبة والإسلام وصور مضيئة في مسيرة الخير والرشاد نحو العزة والكرامة والسؤدد والتعاون والإخاء.. نأتي هنا بما يتسع له المقام منها وما أكثرها وما أبلغها وأجملها في حياة الحاكم والمحكوم. إن ديننا يفرض علينا أن نهتم بأمور شعوبنا وبتقدمها وبرقيها وببلوغها مدارك التقدم والعلم والقوة. كل هذه الأشياء ديننا يحفز ويدفع إليها بكل قوة والذي يقول إن الدين الإسلامي يقف في سبيل التطور فهو واحد من اثنين اما ان يكون جاهلاً ولا يعرف عن الدين الاسلامي شيئاً أو يكون مكابراً يريد أن يغالط الحقائق. إننا في مشروعاتنا الإعلامية لا نهدف لأن تكون وسيلة لنشر المديح أو الثناء أو الاطراء للحكومة أو المسؤولين أو أي فرد في هذه البلاد إنما نريدها لنشر الفضيلة ونشر الحق وتوعية المواطنين وغير المواطنين إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم وهذا ما نهدف إليه وما يؤكده واقعنا ونحن سائرون في سبيل الله معتمدون عليه سبحانه وتعالى في تنفيذ وتأكيد هذه الدعوة. الدعوة إلى الله وإلى الحق والسلام والمحبة مستنبطين ذلك من كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن سيرة خلفائه وأصحابه. ادعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل وفاتي إذا قدرها علي سبحانه وتعالى أن تكون في ميدان الكفاح في سبيل الله وأن يبلغني هذه الأمنية التي هي أعز الأماني لدي. وأن أرى نفسي في ميدان الكفاح عن ديننا ومقدساتنا وعن أمتنا وأن يختم لنا بالشهادة الكريمة إن شاء الله في سبيله إنه على ما يشاء قدير. ومهما استرسلنا في تعداد الصفات والمحاسن التي تكونت في شخصية الملك البطل الإمام الشهيد فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله ملك المملكة العربية السعودية وقائد نهضتها ومرسي قواعد مسيرتها نحو الرقي والتقدم والسلام والأمن والأمان. فلن نحصي تلك المآثر الخالدة والصفات الحميدة التي حازها منذ صغره وأهلته لتولي قيادة البلاد بنجاح وتوفيق وحكمة وسداد رأي ومحبة وتقدير لدى أبناء شعبه ووطنه وشعوب العالم قاطبة. فهو الملك العادل.. والحكيم في قراراته.. وبطل المواقف والشدائد الشجاعة والأهداف النبيلة قاهر الظلم والظالمين ونابذ النفاق والمنافقين. رائد التضامن الإسلامي والداعية الموفق.. سير شعبه على المحبة والعزة والالفة والإخاء والتعاون. وكان جزءاً لا يتجزأ منه.. ومع الأمتين العربية والإسلامية في أفراحهما وأتراحهما.. وكان الموئل الذي يعتمد عليه ويركن إليه بعد الله في النوائب والشدائد والمهمات الصعبة.. فيحلها برأيه السديد وفكره النير وشجاعته المألوفة إلى برد وسلام.