في خطابه أمام مجلس الشورى السبت الماضي جاءت كل كلمة من كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتؤكد حنكة وكياسة وفطنة هذا المليك.. جاءت كلماته ليعبر كل حرف فيها عن حكم بالغة وأقوال مؤثرة ومأثورة يتعلم منها الكبير قبل الصغير! كلمات شجاعة تتواءم مع الحراكات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المملكة وتتجه لمواجهة الأزمات ومكافحة الفساد وانتشال الفقراء واستخدام النقد لأنفسنا بعدما أعلن هو حفظه الله توجيه النقد القاسي لشخصه مشدداً على دور الإعلام ووسائله في مسؤولية الإصلاح بالحرية المسؤولة والحوار والشفافية والنقد الهادف المتزن الذي يصب في مصلحة الوطن قبل كل شيء. حديثي معكم من القلب إلى القلب، أخاطب كل مواطن ألا يكون بيننا ظالم ومظلوم وحارم ومحروم وقوي ومستضعف، علينا أن نحيط الوطن بأكرم تعابير الحب والوفاء فهو تجربتنا التاريخية التي نفتخر بها، الاستقرار السياسي مطلب أساسي للمحافظة على كيان الدولة وتحقيق التنمية وحماية منجزاتها، نصون حريتنا ونحدد معالمها ونقول للعالم هذه قيمنا وتلك مكارم أخلاقنا التي نستمدها من ديننا، الحرية المسؤولة هي حق لكل النفوس الطاهرة، ما ترددت يوماً في توجيه النقد الصادق لنفسي إلى حد القسوة المرهقة.. إلى آخر كلماته. إنه رب العائلة وكبيرها يتحدث إلى ابنائه واشقائه بمنطق الحب ورصانة العقل والفكر.. إنه الرجل المصلح الإنسان الذي ينتقد نفسه ويتمعن بالأمر وينظر إلى اخطائه بنظرة المخلص الذي يريد أن يصلح ويتقدم للأمام باستراتيجية تطويرية تاريخية وإيجاد الحلول العاجلة للأزمات المختلفة التي تواجه مجتمعنا السعودي كأزمة المياه وأزمة ارتفاع أسعار الأرز والحليب وأزمة الدقيق وأزمة جشع التجار وذلك من قبل مجلس الشورى وتعاون كافة الوزارات المعنية بمثل هذه الأزمات. في تصوري الشخصي أن الملك عبدالله خلال خطابه هذا إنما أعطى للجميع درساً قوياً في الولاء والانتماء.. في الحب والوطنية.. في كيفية ممارسة الحرية المسؤولة.. في إنكار الذات.. في ضرورة أن يتقي الجميع الله سبحانه وتعالى.. في أن يحاسب كل شخص نفسه خشية من الله في السر والعلن.. ذلك أن هذا الخطاب التاريخي أتصور ضرورة أن يكون وثيقة مستدامة يجب أن يقتنيها كل مواطن وكل وزير ومسؤول وكل رئيس ومرؤوس ليعمل بها من أجل نماء الوطن.. نعم هو لم يكن خطاباً بقدر ما هو نبراس وضوء نسير عليه آمنين مطمئنين على بلادنا وحاضرنا ومستقبلنا. وبالاضافة إلى ما استعرضه حفظه الله من إنجازات حكومتنا في شتى المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والخدمية والصحية إلا أن حديثه عما يتطلبه الاستقرار السياسي للبلاد للمحافظة على كيان الدولة وتحقيق التنمية وحماية منجزاتها وحيث كان مرسومه الملكي لاستكمال منظومة تداول الحكم باصدار نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية وتكوين هيئة البيعة وتحديث نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وتخصيص سبعة مليارات ريال لتطوير السلك القضائي والرقي به كانت الكلمات الأبرز والتي أرى أن هناك العديد من الأنظمة العربية ربما تأخذ عنها وتتعلم منها محاولة الاستفادة من ثاقب رؤية وحنكة الزعيم القائد عبدالله بن عبدالعزيز. ثمة أمر آخر أراه يستحق التدقيق وهو تخصيص مبلغ 300مليون دولار لتمويل البحوث المتعلقة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي. باختصار شديد إن خطاب الملك لمجلس الشورى أقرب ما يكون (منهجاً) علينا أن نلتزم به اليوم وغداً وكل يوم حتى نحقق ما يصبو إليه مليكنا لنا ولبلادنا وللسلام العادل بالمنطقة.