اكد معالي الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد بن عبدالله السماري على الخصوصية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية دون غيرها من الدول حيث أنها قبلة المسلمين، وبها الحرمان الشريفان ، وقيامها على مباديء واضحة من الدين، وقال: إنه لا يمكن لأي انسان أن يقول هذا ليس من خصوصيات الجغرافية في المملكة، وموقعها كقبلة للمسلمين وهذه من أبرز الاساسيات التي لا ينبغي أن ننساها. جاء ذلك في مستهل حديث الدكتور فهد السماري في محاضرة له بعنوان : (تاريخنا الوطني والعولمة) استضافها منتدى العُمري في مقره بحي الفلاح في مدينة الرياض. وقال: إن هذا الموضوع هو موضوع فكري في الدرجة الأولى، وليس موضوعاً عملياً متخصصاً ، ووجدت من أفضل السبل هو الحديث في الاطار العام أكثر من الحديث في الاطار الخاص، العولمة ناقشها الكثير من الناس ، سواء على المستوى الصحفي أو المستوى العلمي أو المستوى الثقافي، وهناك من انتقدها بشدة وهاجمها، وهناك من أحبها إلى درجة الشدة والولع في هذه العولمة. وواصل معاليه قائلا: السؤال المهم كيف التعامل مع هذه العولمة بدلاً أن نهاجمها؟ مشيراً إلى أنه هناك تعريفات متعددة للعولمة ذاكراً منها أن العولمة هي نوع من الترابط بين الأشياء السياسية والثقافية والاقتصادية في جميع المجتمعات لتجاوز المجتمع المحلي، والحزب الاقليمي فالكونية هذه هي التي بدأت تتجه إلى الانتشار في العالم، وهي ليست ظاهرة مرئية، وانما هي عدة عوامل اشتغلت وعلمت في الماضي إلى اليوم لتصل إلى ما نحن فيه اليوم ، ولافتاً إلى أن مصطلح تاريخ العالم منطق من انطلاق تام من النظرة الشمولية لعدد من الدول سواء في أوروبا، أو أمريكا وبهذا المنظور فإنه لا ينظر لتاريخ الشرق الأوسط بمعزل عن العالم الآخر، وبدأت الجمعيات العالمية للعلاقات بين الشرق والغرب ، فتجد أن هذا المصطلح سيطر فترة طويلة، وأن الدراسات الأمريكية اليوم بدأوا ينظرون إلى التفاصيل لأن التفاصيل تكون نظرة أخرى بالنسبة لهم لمعرفة مواطن الضعف والفهم، فتجد أن العولمة في الدراسة التاريخية بدأت تحل محل تاريخ العالم أو الدراسة العالمية. وقال الدكتور السماري: إن المملكة العربية السعودية لها خصوصية في تاريخها ومبادئها في كونها دولة لها تاريخها الخاص بها، لا يعني أن تاريخ الآخرين غير مناسب ، ولكن الخصوصية للمملكة العربية السعودية موجودة ومن تحكم هذه الدولة هي أسرة مباركة، وهذه الدولة تقوم على مبادىء واضحة من الدين ، ولا يمكن لأي انسان أن يقول هذا ليس من الخصوصيات الجغرافية في المملكة وموقعها كقبلة للمسلمين ، هذه من أبرز الأساسيات التي لا ينبغي أن ننساها، أو نتخاذل أمامها في ظل الضغط العالمي الذي ربما بدأ يتبناه البعض اما جهلاً بما هو المقصد وراء هذا الأمر ، أو ربما من باب التجمل. وطرح معالي أمين دارة الملك عبدالعزيز تساؤلاً كيف تقوم الحضارة ، وكيف تصبح؟ نجد أنه خرجت نظرية التحدي والاستجابة ورأى الناس حضارات سقطت نظراً لأن الاستجابة عندها سلبية وحضارات قامت وانتصرت لأن عندها استجابة ايجابية ، وهذا المثال لأننا نعمل أمام تحدي شديد هو العولمة في تاريخنا في اطر محددة، وعلينا أن نعود إلى هذا الأمر لكن بتخريج جيد يأخذ في الاعتبار الشأن المحلي أكثر من الشأن العام الذي بدأ يسيطر. وأشار إلى أنه هناك مؤتمرات دولية تعقد الآن على المستوى العالمي للنظرة إلى الأديان والمجتمعات ، ولا شك أن غياب الدراسة المحلية التي ربما لا تكون قوية وجيدة سوف تكون هذه الأفكار مشكلة كبيرة لأبنائنا وبناتنا الذين سيقرؤون ويتعلمون بأنها ليست من الناحية العلمية وللاطلاع والمعارف محددة ، فلابد لنا النظر إلى أن هذا المحور الجديد في العولمة ينبغي النظر فيه نظرة خاصة ولا شك أن الذين ينتقدون العولمة نجد أنهم يتناسون عندما ينظرون للعولمة وعندما ينظرون إلى من ينادي ويؤمن بهذه العولمة سوف يجد أن الغرب هو الذي ربما يقصر في تطبيق كثير من هذه العولمة ، وعندما تجابه هذه الدولة سياسة معينة خارجية سوف تجد العولمة تصير إلى المستوى الذي ينبغي في مواقف كثيرة، وتاريخنا الوطني مر بمراحل كثيرة، ونجد أن الكتابات التاريخية بدأت بالحوليات ، ومركزه على المحلية بشكل قوي جداً ، ثم بدأت الكتابات التاريخية تتجه إلى نوع من التوسع في الدراسات خاصة حيث بدأت الجامعات تنشط نشاط علمي قوي. وقال الدكتور السماري: المنهج البحث التاريخي للكتابة الوطنية السعودية بدأ منذ فترة تقريبا ، لن أقول إن الجامعات مسؤولة ولكن هي مساهمة في ضعف المنهج التآريخي، ومن أبسط الأمور عندما يرجع مصدر معين إلى مرجع نقل عن مرجع نقل عن أصلي حتى يتأكد بنفسه فتصبح الخلل في سرعة الاستعجال في نقد الآخرين بدون دليل، والاستعجال في نشر الشيء قبل أن ينضج ، في مقابل هذا الأمر لدنيا امكانيات ممتازة ورائعة جداً ومنهجية ممتازة وخاصة في جامعاتنا في اتجاه قوي محمود. وعن كيفية مواجهة العولمة؟قال الدكتور السماري: نحن أمام معضلة كبيرة، ونحن أمام رغبة شديدة في المحافظة على التاريخ الوطني، وتقوية تاريخنا الوطني، وتاريخنا الوطني هو الأساس في نظرتنا، بمعنى لا ننهزم أمام الرؤى العالمية التي سوف توصلها مختلف القنوات، ينبغي أن لا تهزمنا رؤى البعض الذين يكتبون في تاريخنا في الخارج أو حتى في الداخل ، وألا تهزمنا الضعف في بعض الجوانب وأن لا نتوارى ، ونحن بحاجة فعلاً لاعادة النظر في المنهجية التاريخية بمعنى تكون منهجية قوية، ونعيد النظر أيضاً في رؤية التاريخ المحلي، وهو ليس تاريخ قديم ، وليس تاريخ أسرة، هو تاريخ المملكة العربية السعودية ، ويرتبط بتاريخ الدول العربية. وشدد معاليه على أهمية التزام المنهجية في كتابة التاريخ، وقال: بإمكاننا التفوق عليهم، ولكن للأسف الشديد أصبح لدينا التكاسل والتعاطف ، والمجاملة واختلاف الآراء، ونحن بحاجة إلى النقد العلمي الذي يقيم هذه الدراسات ، ولا يجامل هذه الدراسات ..وتاريخنا الوطني بنظرتنا المحلية الشاملة تستطيع أن تصل إلى اقناع الآخرين، وربما البعض عنده القدرة لكنه لا يجد وقت ، وربما الترجمات للأشياء المحلية ضعيفة، نحن مطالبون بأن نخرج ما لدينا من معلومات جيدة وطنية إلى حيز الترجمة للآخرين، والمشاركة في النقاش العلمي المستهدف في قضايا ايضاحية. وقد شهد المحاضرة عدداً من الأكاديميين ، والأدباء والمفكرين المهتمين بموضوع المحاضرة ، وفي نهايتها جرى بعض المداخلات ، ثم أعلن سعادة الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري عضو المجلس البلدي المشرف على المنتدى نهاية البرنامج الثقافي للمنتدى خلال هذا العام على أن يتواصل بإذن الله تعالى بعد انتهاء موسم الاجازة الصيفية.