الاتفاق السوداني التشادي الذي وقع على هامش القمة الإسلامية في داكار يعتبر أحد أبرز انجازات تلك القمة كما أنه إنجاز شخصي للرئيس السنغالي عبدالله واد الذي سعى في جولات مكوكية بين الخرطوم وتشاد للتمهيد لهذا الاتفاق، وهذا الاتفاق جاء بعد مرحلة يأس في إصلاح علاقات البلدين إذ إن هناك خمس اتفاقات سابقة له لم تثمر شيئاً، كما أنه جاء مباشرة بعد هجوم المتمردين التشاديين على العاصمة التشادية أنجمينا حيث كادوا أن يسيطروا على الموقف في العاصمة، ولكنهم تقهقروا راجعين عندما عجزوا عن اقتحام القصر الرئاسي الذي كان يتحصن فيه الرئيس إدريس ديبي. ومجيء هذا الاتفاق بعد هذه المواجهة الساخنة وقبل أن يندمل الجرح يعني أن هناك أطرافاً دولية وخاصة فرنسا تريد ضمان عدم تكرار مثل هذا الهجوم وخلق اضطراب في منطقة يسعى العالم كله إلى تأمينها. كما أن هذا الاتفاق يتميز عن الاتفاقات السابقة بأنه يتضمن آلية يمكن أن تعالج أي خلاف جديد قبل أن يتطور إلى مواجهة عسكرية من خلال دعم أحد الطرفين لمتمردي البلد الآخر.. ورغم أن هذه الآلية آلية افريقية إلا أن نافذة الضغوط الدولية لازالت موجودة.. على كل يبدو أن هذا الاتفاق سيكون أكثر حظاً في التطبيق وفي تطبيع العلاقات، فهناك رغبة من الطرفين السودان وتشاد في الاستقرار وهناك اهتمام دولي كذلك بالاستقرار حتى لاتتعرض جهود التسوية في دارفور إلى انتكاسة جديدة. ومن بوادر جدية هذا الاتفاق أن حركة العدل والمساواة السودانية بادرت ومن الآن إلى عرض التفاوض منفردة مع الحكومة السودانية وهو عرض أوجدته المستجدات المتمثلة في اتفاق داكار. ونأمل أن يكون هناك عرض تشادي من الحكومة أو المعارضة من أجل تسوية سياسية لأن التسوية السياسية هي الوحيدة الضامنة لمشاركة أكبر ولاستقرار أكثر.