انبهرت عيناي وصمتت شفتاي وبينهما توقفت نبضات القلب أمام روعة التصميم وحسن التعليم وجمال التنظيم داخل أروقة مدارس الفلاح التي تشرفت بدخول أروقتها الابتدائية والمتوسطة والثانوية أكثر من مرة لتكون آخرها في احتفالها بخريجي الثانوية العامة للعام الدراسي 1430/1431ه كولي أمر طالب فدمعت عيناي في عرسها فرحاً بابني صالح الذي كان كوكباً ضمن كواكب طلابها الخريجين. ووقتها وقفت أمام ذكريات مضت لرجل أعد نفسه للعلم والثقافة قارئاً للقرآن الكريم دارساً للفقه واللغة العربية على أيدي علماء أفاضل بالمسجد الحرام وآخرين وجد ضرورة التوجه إليهم في مصر ليكون طالباً داخل أروقة الأزهر. وفي هذه الذكريات السريعة التي كانت من قراءات سابقة لسيرة الحاج محمد علي زينل رحمه الله والبدايات الأولى لمدارس الفلاح. فمؤسس الفلاح رحمه الله الذي ولد في جدة عام 1301ه ونشأ وسط أسرة اتخذت من التجارة مصدر رزقها كان رجلاً في عدة رجال شغوفاً بالعلم حريصاً على تعليم أبناء الآخرين ليخرجوا أسرهم من تحت أنقاض الجهل والظلام إلى رفعة العلم والنور وهذا ما ترجمه بتكاليف دراسة بعض الطلاب النابهين في الهند على نفقته الخاصة وكفالة أسرهم سواء كانوا من سكان مكةالمكرمة أو جدة رغبة منه في أن يحقق الأبناء ما يأملون وتنال الأسر ما تحتاج إليه وازدادت روحه المشتاقة للعلم شغفاً فترجمها بتأسيس مدرسة الفلاح بجدة عام 1323ه وهو شاب لم يبلغ العقد الثالث من العمر وبعدها بسنوات قلائل يأتي تأسيس مدارس الفلاح بمكةالمكرمة في عام 1330ه. وحينما تشرفت بدعوة كريمة من أخي الدكتور عبدالعزيز سرحان مدير مدارس الفلاح بمكةالمكرمة لحضور حفل تخريج الدفعة ال 99 من طلابها برعاية السيد/ أمين عقيل عطاس كولي أمر طالب سمعت من ذكريات هذه المدارس ومؤسسها ما جعلني أقول رحم الله من وضع لبناتها وساهم في بنائها وأشعل قناديل العلم بها لتنير الدروب وتقضي على ظلام الجهل. وبعد مضي قرن من التأسيس لازالت المدارس تقف بقوة وصلابة لتنجب في كل عام كواكب وضاءة من خيرة الشباب الذين يواصلون مسيرة العلم والتعليم مواصلين مسيرة من سبقوهم من خريجيها الذين ارتقوا المراكز واحتلوا المراتب العالية فكان منهم الوزراء والسفراء والأدباء والمفكرون والمهندسون. وان كان الحاج / محمد علي زينل رحمه الله قد وضع لبنات البناء لصرح علمي امتد زهاء مائة عام فان هذا الصرح الذي لازال يواصل مسيرته ويحقق أمنية مؤسسه رحمه الله في الارتقاء بالتعليم ليحقق الأحلام ويترجم الغايات فبإصرار الطلاب وعزيمتهم ودعم معلميهم ومتابعة إدارتهم حصدت مدارس الفلاح بمكةالمكرمة الكثير من الجوائز والمراكز المتقدمة وكان طلابها خير سفراء لمدارس الفلاح التي حصلت على المستوى السابع بين مدارس المملكة الحكومية والأهلية واستطاع هؤلاء الطلاب أن يتميزوا بين أقرانهم في اختبارات القياس بشهادة المنصفين. ولا أقول شكراً لإدارة المدارس ومعلميها لأن كلمة الشكر قليلة في أحرفها قصيرة في مضمونها لكنني أقول جزاكم الله خير الجزاء على ما قدمتم وتقدمون من عمل تؤجرون به عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون. ورحم الله من وضع الأساس الحاج / محمد علي زينل وساهم في دعمه بالبناء الحالي الشيخ/ إبراهيم الجفالي والسيد/ إسحاق عزوز وغيرهم الذين تركوا بصماتهم على صفحات تاريخ التعليم لصرح أنار القلوب بعلم ومعرفة وقضى على ظلام الجهل وتحية شكر لكل من ساهم ويساهم في دعم هذا الصرح العلمي الذي ندعو الله سبحانه وتعالى أن يواصل مسيرته في خدمة طلاب العلم. وان كانت أمنية السيد / أمين عقبل عطاس راعي الحفل وأحد طلاب الفلاح بتشكيل رابطة لخريجيها فان هذه الأمنية التي قال الدكتور السرحان أنها سترى النور قريباً أرجو ألا تطول فترة الانتظار لبزوغها وأن تحقق أمنية طلابها بدعم مسيرتها فالأجيال تتواصل والخبرات تكتسب من الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة.