سعد أهل مكة بسكناهم وجيرة البيت العتيق في أفضل بقاع الأرض وأحبها لخالق الكون العظيم ، أنهم قوم طيبون وللبيت الحرام عشق دفين راسخ في أفئدتهم عرفوا أهمية هذا العشق مما توارثوه من الآباء والأجداد وفاء وإخلاصاً للملك الواحد الذي لا معبود سواه، فالمطاف وزمزم والمقام والحجر الأسود والكعبة المشرفة هي النور الإلهي اضاء لهم النفوس وأسكب وأجرى الدمع ليغسلهم ويطهرهم بماء نقي وثلج وبرد شعرت أرواحهم وحياتهم وأيقنت أن لا قيمة لها أو وجود إلا بخضوعها لمعبودها ومولاها الذي آتي النفس تقواها وزكاها وهو خير من زكاها ، فيا الله كم للإيمان حلاوة وللهدوء والاستقرار والطمأنينة ببلدك الحبيب سعادة لا توصف وملاذاً من الهموم والمآسي .في حرمك نعيم لا ينضب وسرور دائم وشوق ترتاح له الروح البشرية تجده في الطواف وفي مناظرة الكعبة المشرفة فتنقشع الغمامة السوداء عن الأبصار وتتبدد تحتويها رحمة المولى ..دعاء وتسبيح وتقرب وحمد وتهليل ورجاء وتوسل وتضرع للباري العظيم أن يحفظ هذا البيت ويعز الاسلام وأهله .. نسأله سبحانه بإلحاح وإصرار أن يديم علينا سكناها وجيرتها وحبها ويجعله أبداً لا ينتهي إلا بالممات . ان كل إنسان يحلم ويأمل ويتمنى أن يتوفر له حظ في الدنيا في أي وقت أو أي مكان ولكن في حرم الله الكل لا مطلب له ولا مبتغى إلا رضا ربه والجنة جزاء المؤمنين والموحدين والعباد ..كل الخليقة في هذا المقام لا تهمها زخارف الدنيا هي اتت طائعة لتناجي خليلها ودعت الأبناء والأحبة والأموال لتلاقي ربها فسبحانه هو الأقرب لها تبكي فرحاً بين يديه شاعرة بكل معاني الحنان التي تعرفها وتتوقعها تغمرها. الناس واقفون ساجدون يرجون العفو والصفح شيوخ متحملون المشاق جاءوا لمناجاة محبوبهم ومعبودهم ..رجال ونساء من كل الطبقات والأعمار والأجناس يتمنون الجوار والمكوث في أقدس مكان ..فأريج أم القرى وحبها لا يعرفه سوى من احبته وفاضت بأزكى عبير عليه هذا الحب هو هبة من المبدع يمنحه لمن يشاء من أهل بيته وحرمه جيران بلده وخير عباده اصطفاهم من البشر وأغدق عليهم المزايا والحسنات والأجر والثواب ضاعف لهم عباداتهم وصلاتهم وصدقاتهم كلها له سبحانه لديه الأمر والشأن يجزيهم بما شاء وكيف شاء ، هنيئاً لمن كانت أم القرى قرة عينه وبهجة قلبه فيها هدوء أعصابه وراحة ذهنه.