حينما دخلت الانتخابات أروقة المؤسسات الخدمية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية كان الهدف من ذلك توسيع قاعدة مشاركة المواطنين وإفساح المجال أمامهم للمشاركة في صنع القرار. وكان من البديهي أن تشارك في هذه العملية شرائح المجتمع ثقافتها وميولها الفكرية وفئاتها العمرية والاجتماعية المختلفة. غير أن الانتخابات بنظمها ولوائحها التنفيذية لم تنل من الاهتمام الثقافي بها مايجعلها قادرة على ترجمة ماتهدف إليه إذ تركز اهتمام المستفيدين من مرشحين وناخبين نحو النتائج وما تسفر عنه وتحولت البرامج الانتخابية من مفهومها الانتخابي إلى ملتقيات لتبادل التحايا وبث البرامج الدعائية التي انحصرت في عبارات مشهورة مضمونها انتخبوا ..... فهو من أسرتنا أو انتخبوا .... فهو صديقنا وهذا يعني أن الانتخابات توجهت من جانب الأفضل قدرة على تنفيذ البرامج إلى الأكثر قربا وصداقة. وهو مايعني أن الناخبين توجهوا بأصواتهم صوب من يرتبطون معهم بعلاقات أسرية أو اجتماعية دون النظر للبرامج المقدمة والنتائج المتوقعة. وان كان هناك من يجهل ما المقصود بالمرشح في الانتخابات أهو (كل ناخب توافرت فيه الشروط المقررة نظاماً وقيد اسمه في جداول قيد الناخبين ورشح نفسه لعضوية المجلس وسجل اسمه في قائمة المرشحين) أم هو (الناخب الذي توفرت فيه الشروط لمنحه حق الإدلاء بصوته لاختيار المرشح وسجل اسمه في سجل الناخبين). ومثل هذه المصطلحات لايمكن اعتبارها مصطلحات علمية بقدر ماهي مصطلحات تعريفية يجهلها البعض ممن يخوضون غمار الانتخابات سواء كانوا مرشحين أو ناخبين فتنعكس سلبا على تنفيذ البرامج التي وعد المرشحون بتنفيذها إضافة إلى انخفاض الأداء نتيجة لمطالبات الناخبين بتنفيذ .....وتنفيذ ... خلال فترة زمنية قصيرة. والمؤلم أن البعض من الناخبين يرون أن فوز المرشح بالانتخابات يعني تحوله إلى موظف لديهم ينبغي عليه تنفيذ مطالبهم حتى وان كانت مخالفة للنظم أو أنهم يسعون لتهديده بعدم ترشيحه مجددا. ومثل هذه الأفكار تنم عن جهل واضح بنظم وإجراءات الانتخابات وثقافتها لدى البعض من الناخبين وهو ما يظهر أيضا في قضايا الاحتراف الرياضي إذ يرى البعض أن بيع عقد لاعب يعني التفريط في ممتلكات النادي وإهداراً لموارده دون النظر للعائد المادي جراء بيع هذا اللاعب أو ذاك. إن للانتخابات نظماً وإجراءات استهدفت من خلالها الدولة منح المواطنين حق المشاركة في صنع القرار والاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية وتوظيفها للارتقاء بالأداء. ومع غياب الثقافة الانتخابية غابت ثقافة الاحتراف الرياضي فلم يدرك البعض أننا نعيش عصر الاحتراف الرياضي الذي حول اللعب من هواية إلى حرفة تدر الأموال للاعب وناديه هدفه الارتقاء بمستوى الأندية وتحسن أداء اللاعبين وتنمية مواهب وقدرات الناشئة وللاثنين نتائج ايجابية ومميزات قد يجهلها الكثيرون نتيجة لغياب ثقافتهما عنهم. وحتى نوجد مجتمعاً يدرك مفهوم الانتخابات ويعمل على توظيفها ايجابيا ويدرك بان الاحتراف الرياضي بات ضروريا فان الضرورة تقتضي تنظيم حملات توعوية وإرشادية لنشر ثقافة الانتخابات والاحتراف الرياضي من خلال مدارس التعليم العام عبر حصص النشاط أو التربية الوطنية والتربية الرياضية. ولا يكفي القول بان هناك انتخابات بلدية وأخرى رياضية واقتصادية ونحن نعيش وسط مجتمع تجهل نسبة كبيرة منه مفهوم الانتخابات كما تجهل مفهوم الاحتراف الرياضي.