شاركت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في الدورة السابعة والثلاثين لمؤتمر وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي ، المنعقدة في مدينة دوشنبة عاصمة جمهورية طاجيكستان، وقد مثل الرابطة فضيلة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزيد الأمين المساعد للرابطة حيث ألقى كلمة معالي الأمين العام للرابطة ، الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، الذي أوضح في الكلمة أن هذه الدورة لمؤتمر وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي، تأتي في وقت تستعد فيه رابطة العالم الإسلامي لعقد مؤتمر عالمي بعد مرور خمسين عاماً على تأسيسها الذي تم في عام 1381ه بتشجيع ودعم من قادة المملكة العربية السعودية دولة المقر . وقال: لقد بذلت الرابطة خلال خمسين عاماً جهوداً متواصلة في خدمة الإسلام وعلاج قضايا الشعوب الإسلامية ، وقدمت جهوداً كبيرة في مجالات التعليم الإسلامي وإغاثة الشعوب المحتاجة وإصلاح ذات البين، وتوحيد الصف الإسلامي ونشر ثقافة الإسلام في الوسطية والاعتدال ، ومحاربة الإرهاب ، والحوار مع غير المسلمين، ومنذ قيام منظمة المؤتمر الإسلامي والرابطة تتعاون معها في مجالات العمل الإسلامي المشترك، كما تتعاون مع المنظمات الإسلامية والمؤسسات الدولية في المجالات التي تعود بالنفع على البشرية ، وقد قدمت جهوداً شهدها العالم في نشر ثقافة السلام وإشاعة مفاهيم العدالة مما جعل هيئة الأممالمتحدة تمنحها شهادة رسول السلام . وبين د. التركي أن الرابطة لقيت منذ قيامها الدعم والرعاية من حكومة المملكة العربية السعودية مما مكنها من تحقيق أهدافها بعون الله وتوفيقه ، وها هي تتلقى الدعم والمساعدة لتنفيذ برامجها التي تكللت بانطلاقة عالمية متميزة في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود . وأوضح معاليه أن الشعوب المسلمة في العالم وهي تتطلع إلى نهضة حقيقية على يد قادتها، لتدعو المؤسسات الرسمية والشعبية لتحقيق العمل الإسلامي المشترك ، الذي يحقق للأمة انطلاقة عالمية نحو التعاون الأممي في المشترك الإنساني، كما يعينها على مواجهة التحديات وتحقيق الأمل بتغيّر حالها من التفرق والتشرذم إلى الوحدة والعزة والقوة والمنعة، ويحقق لها النهوض الحضاري المنشود. وبين أنه انطلاقاً من أهمية العمل الإسلامي المشترك ، أنشأت رابطة العالم الإسلامي هيئات ومؤسسات إسلامية عديدة، كان من آخرها الملتقى العالمي للعلماء والمفكرين المسلمين ، والهيئة العليا للتنسيق بين المنظمات الإسلامية، وذلك لتحقيق التعاون والتكامل والتنسيق في العمل الإسلامي ، وهذا يحتاج إلى دعم ومساندة من الدول الإسلامية ، وتعاونٍ من حكوماتها وفق ما تضمنته صيغ العمل الإسلامي المشترك في منظمة المؤتمر الإسلامي، مما يحقق نشاطاً إسلامياً عالمياً، وسيلته الحوار، وهدفه التفاهم والتعاون والتعايش ، ونشر الأمن والسلام في بلدان المسلمين، وفي ربوع العالم، ومكافحة الآفات التي تعاني منها الإنسانية. وقال د. التركي : إن المسلمين جزء من المجتمع الإنساني الكبير، وهم حريصون على التواصل والتعاون مع غيرهم من الشعوب، مما يتيح لهم التعريف بدينهم وثقافتهم وقيمهم، ولقد أدركت رابطة العالم الإسلامي أهمية الحوار في تعريف العالم بالإسلام ، وعرض صفحاته الناصعة على أممه وشعوبه ، ونقل مبادئه بصورتها الصحيحة إليها. وأضاف: لقد نظمت الرابطة في السنتين الأخيرتين عدداً من مؤتمرات الحوار، وذلك بتشجيع ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ووفقه حيث نظمت في شهر جمادى الأولى عام 1429ه المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في مكةالمكرمة ، وفي شهر رجب من العام نفسه نظمت المؤتمر العالمي للحوار في مدريد، منطلقة في ذلك من النهج الإسلامي في الخطاب مع الآخر بالتي هي أحسن ، وقد لقي هذا النهج ترحيباً وقبولاً لدى أتباع الأديان والثقافات والحضارات الذين شاركوا في ذلك المؤتمر، والذي عقد برعاية من خادم الحرمين الشريفين وجلالة الملك خوان كارلوس ملك أسبانيا، وفي شهر شوال من عام 1430ه نظمت في مدينة جنيف مؤتمر (مبادرة خادم الحرمين الشريفين وأثرها في إشاعة القيم الإنسانية) وفي هذا المؤتمر لمست الرابطة والمشاركون معها من أتباع الأديان والثقافات والحضارات ترحيب الشعوب المختلفة، والمؤسسات الثقافية والدينية في العالم بالمبادرة، وإقبالها على الحوار لتحقيق التفاهم والتعاون في مجالات المشترك الإنساني، ولمست الرابطة كذلك أثر المبادرة في تراجع الحملات الإعلامية على الإسلام والمسلمين. وأكد د. التركي أن أمة الإسلام اليوم بحاجة ماسة إلى أمرين أساسيين لتحقيق عزتها وقوتها واستعادة ريادتها ، التقيد بأحكام الإسلام ، وتوحيد الصفوف ، وبذلك يتم علاج المشكلات والتحديات من خلال رؤية إسلامية جماعية تضيق فيها دوائر الخلاف ويتحقق بها التعاون . وأبرز في الكلمة عدداً من المشكلات التي تعتصر لها قلوب المسلمين ألماً ، وفي مقدمتها ما يجري في فلسطين وفي مدينة القدس ، حيث وضعت إسرائيل خططاً لتهجير الفلسطينيين من ديارهم، والاستيلاء على بيوتهم وبناء الوحدات السكنية الاستيطانية، وفي الوقت نفسه تواصل الفئات المتطرفة العدوان على المسجد الأقصى وعلى المصلين فيه، وتلقى التشجيع من المسؤولين الإسرائيليين على بناء الكُنُس في المواقع الإسلامية حيث تم مؤخراً بناء كنيس الخراب على بعد أمتار من المسجد الأقصى . وقال معاليه : إن ما يجري في القدسوفلسطين، يحتاج من المسلمين إلى وقفة قوية، يتحقق من خلالها التضامن مع الشعب الفلسطيني المصابر، ومساعدته من خلال عمل دولي على فك الحصار المفروض عليه، وعلى حماية المقدسات الإسلامية من العدوان. وأضاف: أما المشكلات التي تعاني منها شعوب الأمة في عدد من الدول والمواقع الإسلامية ، وفي مقدمتها الصومال وأفغانستان ، فلابد من العمل على حلها حلاً إسلامياً ينهي معاناة شعوبها ، وهناك عدد من البلدان الإسلامية التي تحتاج إلى العون والمساعدة ، حيث تعاني شعوبها من الفقر بسبب الجفاف والتصحر ومن ذلك النيجر وبعض الدول الأفريقية التي زارتها وفود الرابطة ، ولمست الحاجة الماسة إلى بحث مشكلاتها وتقديم العون لها، وتدعو الرابطة كذلك إلى مواجهة قوية للقرصنة التي مازالت مشكلتها مستمرة قبالة شواطئ الصومال، وإنهاء أوضاع الخروج على القانون، وما يترتب عليه من خطر على السلم في العالم. واختتم د. التركي كلمته بالقول : إن رابطة العالم الإسلامي تؤكد استعدادها التام للتنسيق مع حكومات الدول الإسلامية والتعاون معها فيما ينفع الأمة ، ويسهم في علاج ما يواجهها من تحديات، وهي تهيب بكم للسعي الجاد من أجل تنفيذ ما أصدرته مؤتمرات القمة الإسلامية في تحقيق أمن الأمة والدفاع عنها والذود عن حياضها وتحقيق وحدة الصف بين دولها ، والنهوض بشعوبها من خلال تنفيذ المشروعات الإسلامية ، وتطبيق الاتفاقات المشتركة التي قررها قادة الأمة في مؤتمراتهم .