نوه عدد من خطباء الجوامع بمختلف مدن ومحافظات المملكة ومراكزها وقراها بالقرار الصادر عن هيئة كبار العلماء في حكم (تمويل الارهاب) والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وقواعد الشريعة الاسلامية التي تضمنها القرار في تجريم تمويل الارهاب ، أو الشروع فيه وأنه محرم وجريمة معاقب عليها شرعا. وأثنى الائمة والخطباء - في خطبتي صلاة الجمعية أمس على ما جاء في القرار من تفنيد للأعمال الارهابية والاجرامية التي تستهدف الأنفس والممتلكات العامة والخاصة ، وتأكيده على أن تجريم تمويل الارهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم ، وعلاجهم ، وتعليمهم لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء. وأعاد الخطباء تذكير المسلمين ببيان الهيئة من خلال قراءة نص البيان في سياق خطبهم، ثم أكدوا أن من الواجب على الجميع أن يكونوا يداً واحدة ضد من يسعى في الأرض بالفساد، وأن يحقق قول الله - جل وعلا- : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) مبرزين أن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيان حال هؤلاء المفسدين لرجال الأمن، وعدم التستر عليهم لأن خططهم العدوانية وشرورهم ، لا تقف عند حد معين - بل هم يسعون لإهلاك الحرث والنسل بلا حجة ولا برهان. وأجمعوا على أن من أعظم الفتن، وأنكاها البعد عن دين الله، فالابتعاد عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - إما بصريح اللفظ، أو بدقيق العبارة فتنة نجد العياذ بالله أناساً يزينون للناس حب الشهوات بالشبهات وتكريه الخير والحق ، وصرفهم عن منهج الله السوي وتنفيرهم من أهل الخير والصلاح تدريجياً حتى يصل الحد بهم إلى الاستهزاء بالله ورسوله وأحكامهما ، محذرين المسلمين من هؤلاء، ومن دعواهم المزيفة، ومن تصريحاتهم الباطلة، وعدم الاغترار بهم، والوقوع في شباكهم الضالة، فكم من عاقل جرفوه معهم فأصبح يدعو بدعوتهم دعوة التكفير والضلال. وشدد الخطباء على أن المطلوب من الجميع عندما يرى ذوي الأفكار المنحرفة أن يبلغ الجهات الرسمية ، براءة للذمة ونصحا للأمة وتعاونا على البر والتقوى، والقضاء على الفتنة أيا كان نوعها، مؤكدين أن اخماد الفتنة ووأدها في مهدها هو المطلوب من كل مسلم، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) وقد توعد الله من أراد قسمة صف المسلمين وتفريق كلمتهم وتمزيق شملهم بالعذاب المهين والنكال الأليم. واتفقوا أن أصحاب الأفكار الضالة الذين ينفذون مخططات الافساد في الأرض، ويقومون بزعزعة الأمن في البلاد واشغال الجهات الرسمية عن التنمية والبناء ، هم بتلك الأعمال الاجرامية ، وهذا المنهج الباطل يفرحون الأعداء الذين يشجعونهم على ذلك، وأن العنف والارهاب لا يمكن أن يكون قانوناً محترماً، أو مسلكاً مقبولاً، فضلاً عن أن يكون عقيدة، أو ديناً ، فالعنف والارهاب لا يحمل مشروعاً غير التخريب والإفساد والارهاب لم يفلح في أي مكان من العالم في تحقيق أهدافه، بل إنه يقضي على أصحابه، الارهاب لن يغير سياسة، ولن يكسب تعاطفاً ، بل يؤكد الطبيعة العدوانية والروح الدموية لتوجهات أصحابه الفكرية. وأكد الخطباء أن الارهاب لا يعرف وطناً، ولا جنساً ولا زماناً ولا مكاناً ، والمشاعر والعقول كلها تلتقي على استنكاره ورفضه والبراءة منه، ومن أصحابه ، ومن ثم فإنه يبقى علامة شذوذ ودليل انفراد وانعزالية، ويورث عكس مقصود أصحابه، فيقوى التماسك الشرعي والسياسي والاجتماعي في الأمة المبتلاة، والمجتمع لن يسمح لحفنة من الشاذين أن تملي عليه تغيير مساره أو التشكيك في مبادئه ومسلماته. وحمل خطباء الجوامع أهل العلم والرأي مسؤولية توعية الناشئة والشباب وتبصيرهم بما يحميهم من التخبط في أوحال الدعوات المضللة والعصابات المنحرفة، وتنقية عقولهم من اللوث وغسل الأفكار من الدرن ، مشددين على ضرورة توسيع دائرة الاتصال، والثقة المتبادلة بين الناشئة والعلماء والمربين والموجهين ، منبهين إلى أن الشباب إذا ابتعد عن العلم الصحيح والعلماء الراسخين ولم يتبين له رؤية واعية فقد تتزاحم في فكره خطرات نفسية، وسوانح فكرية يختلط عنده فيها الصواب بالخطأ والحق بالباطل، فيجب الاهتمام بالناشئة والشباب وتلمس احتياجاتهم وهمومهم واهتماماتهم ، والاهتمام بصالح المعتقد وسلامة الفكر واشباع الرغبات المشروعة ديناً وخلقاً. وأشاد الخطباء بالوقفة الواحدة التي وقفها المجتمع ككل ضد هذا التصرف المشين والعمل الاجرامي الآثم، لقد وقفت الأمة صفا واحداً خلف قيادتها وولاة أمرها تستنكر هذا العمل وتدينه ولا تقبل فيه أي مسوغ أو مبرر وتتبرأ من فاعليه، والأمة مؤمنة بربها، متمسكة بدينها ، مجتمعة حول ولاة أمرها، محافظة على مكتسباتها ، وكلنا - بإذن الله - حراس للعقيدة حماة للديار غيارى على الدين غيارى على الحرمات ، فيجب على من علم أحداً يعد لأعمال تخريبية أن يبلغ عنه، ولا يجوز التستر عليه. وأجمع خطباء الجوامع - في نهاية خطبهم - على أن كيان هذه الدولة قام ، واستقام على قواعد ثابتة، وأصول راسخة من الدين والخبرة ، والعلم ، والعمل، جهود جبارة في التأسيس والبناء لا يمكن هزها، فضلاً عن تقويضها بمثل هذه التصرفات غير المسؤولة ، إنه كيان كبير يعكس نهج أهله في الجمع بين المحافظة على دين الله في عقائده وشعائره مع ما يتطلبه الوقت الحاضر من تحديث وتطوير مشروع في كافة مناحي الحياة.