التقيت مسؤولاً بصحيفة محلية , فاطريت مالمسته من تحسن في اخراج مجلته وفي متابعاتها المحلية , الا انني قلت له : ان مستوى كتاب الاعمدة في صحيفتكم دون المطلوب , وان اغلب المقالات لا يقرأها احد , فاستشاط مني غضبا وقال : بل كلهم من كبار الكتاب واعظم المحررين فقلت له : من يقول هذا ؟ قال لي : كل من سألتهم ,وجميع من قابلتهم , قلت له : اعتقد انهم لايسمعونك الا ما تحب والصديق من صدقك , لا من اسمعك ماتحب , واذا احببت ان تتاكد بنفسك فاطلب الي اربعة من كبار الكتاب في مصر ولبنان ان يقّيموا كتاب صحيفتك لمدة شهر , وبطريقة سرية , ثم يرسلوا لك التقييم , دون ان تتكلف الكثير , والمسالة اصبحت سهلة , لان المجلة على الانترنت , ويستطيع اي شخص او شخصة ان يقرأها من غرفة نومه في اي بقعة من العالم , وبنهاية الشهر ستعرف الحقيقه التي غيّبها عنك الاصدقاء والمحبون. فلم يقتنع الرجل بكلامي ولم يعجبه اقتراحي , فقلت له : بارك الله في صحيفتك وفي كتابك ومحرريك, وجزاهم الله خيرا لانهم يوفرون على القراء مشقة القراءة. حقا اننا نحتاج الى رفع مستوي الكتابة الصحفية في اللغة والاسلوب , ولن يتاتى ذلك الا عن طريق كتاب متمكنين من اللغة العربية ومافيها من الالفاظ والاوصاف والمترادفات , وان يكون لهم الاسلوب السهل السلس الواضح. لقد اسأنا الى اللغة العربية اساءة بالغة , بضعف الكتابة الصحفية , وتدهور الاساليب الادبية , ومن يرد معرفة الفرق بين كتابة السابقين وكتابة اللاحقين فليقرأ كتابات الاصمعي ورسائل الجاحظ ومقامات الحريري , وسيعرف مافي كتابات السابقين من بدائع الانشاء وجواهر الكلم , لقد عجز كتاب اليوم حتى عن مجاراة الكتاب المتاخرين من امثال طه حسين والدكتورة بنت الشاطيء وابراهيم صادق الرافعي , ولم يعد يوجد لهم شبيه , لا في بلاد الخليج , ولا حتى في كل بلاد العرب. واذا اردنا ان نخدم اللغة العربية فعلينا ان ننظر الى هذه الناحية , فالصحف السيارة اصبحت وسيلة مهمة لنشر الثقافة اللغوية بين الناس , عامتهم وخاصتهم. ثم قلت لصاحبي المسؤول الصحفي: واذا صمد كتاب جريدتكم لتقييم الصحفيين المحترفين واخبروكم بانهم _ كما تظنون _ من كبار الكتاب , فعندها ساعترف بانني اجهل من فراشة واحمق من هنبقه , واجرأ من ذباب , ولاتقبل لي بعد ذلك رايا ولا تسمع مني نصيحة.