حينما نقول إن هناك أطفالاً مشردين فهذا يعني وجود أطفال متسولين جائلين جائعين باحثين بين أنقاض النفايات عن لقمة عيش تسد رمق جوعهم نتيجة لحالات الفقر التي تعيشها تلك الأسر فغابت عنهم الحياة الكريمة والفرص التعليمية . غير أن هذه المقولة قد تكون بعيدة عن الواقع الذي نقصده فالمشردون ليسوا هم الجائلون الجائعون وحدهم فهناك جائعون داخل بعض الأسر العربية نراهم يكتسون ثيابا تحمل بريقاً زائفاً وفي داخلهم شخصيات حاقدة حاسدة نائمة لا يبحثون عن عمل ولا يرغبون في ذلك لأنه يتعبهم ولا يتعلمون فيعيشون جهلة يعتمدون في مواردهم المالية على الزوجة أو الأم التي تولت مسؤولية الأب في العمل فخرجت من منزلها بحثاً عن الكسب الحلال . ولم يقف الحال عند تلك الأسر هنا فقد فقدت الأم داخل بعض الأسر دورها كمربية لأبنائها وبات الأبناء هم من يربونها وبدلا من أن يبحث الابن عن رضا أمه أصبحت الأم تبحث عن رضا ابنها !. أما الأب فلا نراه سوى جثة هامدة داخل المنزل مثله في ذلك مثل الدب القطبي متنقلا بين القنوات الفضائية على مدار الساعة ومتحدثا مع شلته عن رحلات سياحية يقوم بها وسيارات فارهة يمتطيها توفر تكاليفها وقيمها الزوجة العاملة . وان تحدثت إلى الأب أو الأبناء ودعوتهم للبحث عن عمل تأتي الإجابة سريعة (ولِمَ التعب طالما أن زوجتي أمي عاملة) وترى مثل هذه الأسر أن الحضارة الحديثة قد منحت المرأة فرصة العمل فلماذا يتعبون أنفسهم؟ ! ومثل هذا المفهوم الغريب يمكن القول بأنه ولد نتيجة للغزو الفكري الذي وجد ضالته في الدخول لبعض منازلنا العربية فأبعدها عن جادة الحق والصواب . لكن هذا لايعني غياب أسر عربية محافظة على أصالتها لم تغير تركيبتها الوظيفية داخل مجتمعاتنا العربية وهي أسر يمتلك أفرادها من الدرجات العلمية والثروة المالية مايؤهلها لنيل مكانة اجتماعية عالية غير أنها ما زالت أسر محافظة على أصالتها حتى وان خرجت الأم للعمل فالأب يحظى بشخصيته الاعتبارية لا الرقمية وتنال الأم من التقدير والاحترام مايرفع مكانتها . وهذه الأسر هي التي يمكن اعتبارها أسراً حضارية لأنها استطاعت توظيف الحضارة الحديثة بشكل جيد نتيجة لفهم معانيها فسعت لتحقيق أهدافها داخل المجتمع بشكل صحيح . ولا يمكن القول بان التربية الأسرية الصحيحة للأبناء تتأثر بوفاة احد الوالدين أو الطلاق فكم من أرملة أنشأت أبناء صالحين . لكننا يمكن أن نقول بأن غياب أسس التربية الأسرية ومبادئها الصحيحة أخرجت المرأة من نطاقها الأسري فبانت هي العاملة وتحول الابن إلى مربٍ لوالدته !.