شهد الجناح السعودي في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثانية والأربعين محاضرة بعنوان (القضايا المصرية في الوجدان السعودي) للمحاضر الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن الزامل وقدمها الأستاذ عبدالرحمن العطية بحضور الملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين محمد بن عبدالعزيز العقيل وعدد من المثقفين والأدباء والنقاد. حيث استهل الدكتور كلامه قائلا: إن القضايا المصرية صغرت أم كبرت هي بالتأكيد في صميم الوجدان السعودي وفي سويداء قلبه الرسمي والشعبي، ذلك أنها تعكس علاقات ذات وجوه متعددة بين شعبين ودولتين، فوحدة المحنة والمنحة والمصير المشترك والدين واللغة كلها تعبر عن التمازج المتناهي والوحدة الكاملة في المشاعر والممارسات الحياتية المختلفة بين إنسان البلدين. ثم ذكر العديد من القصائد للكثير من الشعراء السعوديين الذين عبروا عن مشاعر وجدانهم تجاه بلدنا الشقيق مصر وشعبها، كما أوضح قائلا إن الشعر هو ضمير الأمة ولسانها؛ حيث تحدث كثيرا عن حرب 73 التي يمكن أن تصور ما جال في الوجدان السعودي من خلال أداة التعبير الوجداني الأول وهي الشعر. وأكد قائلا إن للفيصل العظيم -رحمه الله- حضوره الكبير في هذا الحدث التاريخي الهام وقد ذكر أن الشاعر السعودي الكبير محمد حسن فقي قد يكون أغزر شعراء العربية إنتاجا على مدار الدهر، وهو خير مثال على الاهتمام والتضامن بين الشاعر السعودي والقضايا المصرية والإنسان المصري. أدب الحوار من جهة أخرى أقيمت ندوة (أدب الحوار) للأستاذ الدكتور/ محمد بن فراج العقلا- مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة . وبدأت الندوة بالحديث عن أدب الحوار في الإسلام وكيف كان الدين الإسلامي سباقا لذلك والأمثلة كثيرة على ذلك منها: قوله تعالى “وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”. وقوله تعالى “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن”. حتى مع طاغية مثل فرعون كان الدين الإسلامي أرفق بالحوار معه ويثبت القرآن ذلك في قوله تعالى “وقولا له قولا لينا”. فالدين الإسلامي يأمر بالحوار بلا تحامل على المخالف ولا تخويف له فالنفس لا تنزل عن عنادها وكبريائها إلا باللين والرفق. وأدب الحوار هو موضوع حيوي وقضية الساعة وخاصة بين أصحاب المعتقدات والثقافات، والحوار في لغتنا العربية هو مراجعة الكلام وإدارك الفاسد من القول وهناك فرق بين الخلاف والاختلاف فالخلاف يكون أعمق في النفس مما يصعب مهمة التقارب بين الآراء، أما الاختلاف فهو ما نستطيع من خلاله تقريب وجهات النظر المتباعدة، والقرآن والسنة كانا في معظمهما حوارا سواء بين الأنبياء وبعضهم البعض أو بين الأنبياء وأقوامهم، ولنا في رسول الله أسوة حسنة فلقد صبر النبي (صلى الله عليه وسلم) على الأذى الجسدي والنفسي طويلا ولم يحدث منه أن عامل الآخر بنفس معاملتهم.والعالم ينظر إلى الإسلام منذ 11 سبتمبر أنه دين الإرهاب والعنف وهذا ليس له أساس من الصحة؛ لأننا لا يجب أن نربط بين أي جريمة وبين ديانة مرتكبها فلقد سبقنا الغرب في تلك العمليات الإرهابية وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك مثل منظمة إيتا الانفصالية الأسبانية وعلى الرغم من ذلك لم يتهم أحد الدين المسيحي بالإرهاب، وقد يكون المساعد للغرب في الخلط بين الأعمال الإرهابية وبين الإسلام أن بعض من يفعلون ذلك يلصقون هذه الجرائم بالإسلام، والمحزن أن الأقليات هي من تدفع الثمن فيجب أن يدرك الجميع أن كل تصرف محسوب، ويجب أن نستغل الفرصة للتعريف بالإسلام. إن الإسلام لا يسعى إلى الخلاف مع أي ديانة أخرى فالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) تحاور مع اليهود والنصارى والمشركين. أما الخلاف بين المذاهب مثل قضية الشيعة والسنة فأقول إن صاحب الحجة الأكبر لا يهاب الحوار ويجب أن يكون التحاور بالكلمة الحسنة، وهناك قصة كان بطلها شيخا مقتنعا للمذهب الشيعي من منطقة الهفوف اسمه عبد الوهاب إبراهيم ومَنَّ الله عليه بالهداية من خلال صلاة صلاها معهم وقد حوّل 136 من أبناء المذهب الشيعي إلى المذهب السني. ويجب أن يتسلح المحاور المسلم بحصيلة العلم سواء العلمي أو الشرعي أو الثقافي. مع من يتحاور المسلمون هذه نقطة هامة لأن الآخر يتعمد المساس بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مستغلا حرية التعبير، وأيضا الآخر ينكر فضل الإسلام على الغرب في تأسيس الحضارة، والآخر يرى الإسلام عدوه ويرى أن الإسلام بديلا للشيوعية نحن لا نرفض الحوار مع الآخر ونحن نمد أيدينا إلى الآخر باستمرار. وللإعلام دور سلبي أكثر منه إيجابي فغالبية الفضائيات فيها تربص وقد يكون المقدم أو المعد يسعى لتحقيق هذا الهدف وهذه هي خطورة جانب الإعلام . جهود المملكة العربية السعودية في تفعيل دور الحوار كبيرة وأبرز الجهود هو مبادرة الملك فيصل بن عبد العزيز للحوار مع بولس السادس ، وندوة القدس التي شارك فيها وفد من الفاتيكان ، والمؤتمر الإسلامي العالمي الذي أقيم تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين . وأشاد الدكتور بالدور المصري في الحوار مع أتباع الأديان كحوار جامعة الأزهر ومجموعة من قساوسة الفاتيكان، وختاما شدد الدكتور على ضرورة اقامة الحوار بالشكل المتزن العقلاني لكي يستفيد بذلك العالم أجمع.