في عصر غلبت عليه مؤديات التوتر والانفعال .. واشتد فيه القصف على تطلعات الإنسان ولهاثه بحثاً عن لقمة العيش وتوفير الاحتياجات الملحة الذي تحولت فيه الكماليات إلى أساسيات لا يمكن الاستغناء عنها من أجل حياة ممكنة .. أصبج الإنسان يعاني كثيراً من الاحباطات وهو يعيش عجزه عن توفير الامكانيات التي تساعده على مواجهة الاحتياج الدائم والملح. ودخل الإنسان في صراع مرير مع نفسه .. ومع ظروفه .. ومع ضعف امكانياته .. ودخل قسراً في سباق مع كل شيء بهدف الارتقاء بما هو متاح له. وأصبح العالم يشهد هذه المواجهة الدامية التي تختلف باختلاف موقعه وظروفه .. لكن هذا لم يمنع بأن إنسان العصر أصبح يعاني بشكل أو بآخر في كل الدنيا فتلك هي سمة العصر .. وذلكم هو الواقع المشهود في كل أصقاع العالم. ومن الطبيعي أن ينهك السباق كل الناس ويأخذهم التوتر .. إلى حالات من التشاؤم أو لنقل عدم التفاؤل والشعور بالاحباط فينعكس هذا على حياته بشكل عام. في مصر - مثلاً - رغم أن روح النكتة تسكن حنايا الناس ورغم خفة الدم التي تقود المجتمع المصري لحياة أكثر تفاؤلاً .. ومواجهة مع الظروف الحياتية العامة الا أن نتائج الاستطلاع العالمي الذي أجرته مؤسسة (غالوب انترناشيونال لقياس الرأي) في منتصف العام الماضي أكد بأن المصريين أكثر سكان العالم تشاؤماً حسب الموضوع الذي نشرته الزميلة الشرق الأوسط على صفحتها الأخيرة في عددها الصادر في 21 الحجة 1430ه. وقد قالت تفاصيل الزميلة بأن (استطلاع التشاؤم انطلق من تصور الفرد لأوضاعه بعد خمس سنوات وتوقعه لتغير حياته نحو الأفضل) .. وقد أدت نتائج هذا الاستطلاع إلى قيام جمعية (قلب كبير) الأهلية في القاهرة لاطلاق أول ناد يعلم أعضاءه لغة التفاؤل وكيفية اكتساب مهاراته وتنميتها .. ويعنى النادي الذي حمل اسم (نادي تعلم التفاؤل) وفتح أبوابه للمصريين ولكل العرب ممن يرغبون في الالتحاق به واهتم بشكل خاص بتغيير طريقة التفكير تجاه مواقف الحياة المختلفة ومقاومة الاحباط والتشاؤم والاكتئاب بطرق عملية وتدريبات وعدد من الألعاب. وتؤكد رئيسة النادي الدكتورة فيروز عمر المستشارة النفسية والاجتماعية ان فكرة النادي بسيطة تبنى على تدريبات عملية يمكنها أن تقدم التفاؤل للفرد المصري والعربي بعد أن سيطرت عليه الأحاسيس المتشائمة مما يؤثر على انجازه ومشاعره وأفكاره وحتى صحته. وبقى أن نسأل: هل فتح نادي تعلم التفاؤل مصر لأبوابه واستقبال الراغبين في الالتحاق به سيجعلنا نشاهد المزيد من هذه الأندية في عالمنا العربي .. هل ستنجح الفكرة ونشهد أعداداً كبيرة من الخريجين من بوابة هذه الأندية وهم يرفعون لافتات (الحياة حلوة بس نفهمها) .. ما علينا إلاّ الانتظار لنرى ما سيكون مع أغلى التمنيات بحياة حافلة بالرضا والتفاؤل. آخر المشوار قال الشاعر: رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه