أعمالنا وانشغالنا الدائم في ادائها ليست هي الكاهل المضني والمتعب لنا ولأنفسنا، لقد تعودنا ومن حداثة أعمارنا على أن نسعى ونجتهد لنكون أنفسنا ونعتمد على دعم المولى جل جلاله ليوفقنا للعمل الصالح والرزق الواسع، لكن ما يكدرنا ويتعبنا الأحداث التي بُلي بها عالمنا بعضها ليس للبشر أي دور فيه بل هي قدرت عليهم والمصائب الاخرى وجدت من خلال الطمع والنزوات الخاصة وحب النفوذ والسيطرة أي (نحن ومن خلفنا الطوفان) متناسين ان حدوث الطوفان لا قدر الله سيسحق كل ما أمامه ولا يرحم، لا نريد حلولاً وأحلاماً وأماني نتوهم بأنها هي الراحة النفسية والعقلية وايضاً الجدية التي ننشدها لقد اكتفينا مصائب وشدائد وجرائم بشعة ومتنوعة تترصد بعالمنا وتبث وتنقل مباشرة عبر القنوات الفضائية اننا محتاجون الى تغيير عاجل وجذري لتهدأ الأعصاب. ببساطة شديدة ينقصنا الاطمئنان والتفكير بروية وتسليم الأمر والشأن لصاحبه سبحانه هو قدر وهو يفعل وهو يدبر ويُنجي عباده، لنلجأ بأمره وعونه ونسخر عقولنا وامكانياتها لنستفيد من النعم التي لا تعد ولا تُحصى نتحسس بمداركنا خفايا الكون الذي نعيشه، أرضه وسماه وبحاره وأنهاره وكل ما فيه هو ملكنا، سنكون سعداء جداً لو تمسكنا بعزيمة وعدنا لنقرب من الطبيعة الالهية ونتلمسها في كل ما حولنا وأهمها ضمائرنا، ما ضرنا لو حملنا أعباءنا الى مرج أو بر رحب وابتعدنا عن صخب المدن الى هدوء الريف سوف يحدث التغيير الذي نحلم به، ليكن الهدف والتركيز البحث عن الراحة والسعادة والسكينة والشعور بصدق أحاسيسنا للابتعاد التام عن كل ما يقلقها. نتأمل الطيور ونستمع الى شدوها وأنسها، الى موج البحر والغروب على شواطئه ولنعطِ انفسنا كما قال الشاعر (وأحسد الزهر حين يزهو على شفى جدول لعوب). انه يتراقص ويلاعب النسمات وانسياب مياه الجداول سنجد من خلال هذا المنظر الخلاب الطبيعة الربانية المبدعة في الماء الزلال والخضرة الزاهية ومن ثم أنفسنا والتي ستكون في أروع ابتهاج وسرور واستعداد لتقديم الفيض الذي لا حدود له من الحب.