بالأمس القريب توفي السيد محمد صالح المحضار ثم لحقه بفترة السيد محمد احمد مشهور الحداد واليوم يرحل المربي الكبير والسيد الجليل العم محسن احمد باروم سليل بيت النبوة هذا الرجل الذي وهب نفسه للعلم وطلابه والفكر ورواده والكتب ونشرها والثقافة وتنوعها جمعت فيه فضائل ومناقب وخصال ومكارم الرعيل الأول من روادنا الأكابر عرفته رحمه الله بواسطة شيخي وسيدي فخر الحجاز الإمام السيد محمد علوي مالكي الحسني عليه رحمة الله منذ عام 1399ه إذ كان يرسلني إليه في مكتبه وبيته بطريق مكة برسائل له ومنه ومحملا بكتب المعرفة والثقافة وكان يدور بيننا نقاش حول مستجدات الواقع الذي كنّا نعيشه فينصح ويرشد ويوجه فورة شبابنا وقوة نشاطنا نحو طلب العلم ثم توطدت العلاقة فكنت أزوره في بيته في بدايات عام 1402ه حيث كان له مشروع ثقافي علمي مع شيخنا وسيدنا الإمام السيد محمد علوي مالكي الحسني وهو شراكة إنشاء دار الشروق للطباعة والنشر مع شريكهم الثالث العم الشيخ محمد نور جمجوم عليه رحمة الله . ومن منا لا يذكر دار الشروق مكتبة عامرة ومنارة عالية ومصدر ثقافي واسع ومركز تنويري ونهم لطلبة العلم وصقل للمواهب التي تبحث عن التميز والإبداع . ثم توطدت العلاقة بمعرفة ابنه البكر الدكتور السيد سامي في أمريكا عام 1405ه حين كان يدرس في مدينة فيلادلفيا جامعة بنسلفانيا بولاية بنسلفانيا إذ أكرمني بحسن معاملته وطيب معشره وأصل معدنه طوال طلبي للعلم هناك بجانب ابنه الضحوك السيد مازن في شركة سمارك ومن قبل تعرفت عليه مع شلة من الشباب الذين يبتغون للمعالي سلما ورقيا . ومما يعجبك في السيد محسن شخصيته القوية والمتزنة بالسمت والصمت والفطنة وخزائن الأسرار التي يحملها بين طيات عقله وفكره تراه يغضب حينما تهان كرامة علم فما بالك بعالم وتراه يصول ويجول حينما يساء لمكة وأهلها فيحّرك الرجال للدفاع عنها واللبيب بالإشارة يفهم المقصود . ويتذكر جيلنا أو من كان قبلنا وبعدنا كتاب المطالعة في القسم الثانوي أو كتاب مبادئ قواعد اللغة العربية الذي كان يدرس لخامس ابتدائي . فالسيد محسن سيظل طودا شامخا لجيل عاصر بل صنع النهضة الفكرية في بلادنا وساهم مساهمة فعالة في تنمية الثقافة بالتميز والعطاء والأدب والنشر . وستظل شخصيته محط الأنظار والتي لابد أن تحظى يوما بالدراسة والتحليل واستنطاق ماضيه التليد وأفكاره النيرة وثقافته الراقية وأدبه المعهود ومن تكن العلياء همة نفسه ... فكل الذي يلقاه فيها محبب ومن المفارقات العجيبة انه في 4/4/1393ه يتم إعلان أسماء المقررات الجديدة لطلبة المرحلة الابتدائية ومنها كتابه مبادئ قواعد اللغة العربية وفي نفس الشهر بعد ست وثلاثين سنة ينعى إلينا وفاة هذا المربي الكبير والقدير في علمه وفكره وفنه فرحمة الله عليه وغفر له وألحقه بالرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وأهل الكساء والعشرة وبقية الصحابة الكرام والتابعين وجميع الصالحين ولله ما أعطى ولله ما أخذ وعزاؤنا للأخوين الكريمين السيد سامي والسيد مازن والعائلة الكريمة والسادة الكرام آل باروم وكل محبيه ورحمة الله وبركاته .