ليس من قبيل المبالغة القول ان افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في محافظة (ثول) على ضفاف البحر الأحمر يعتبر أهم حدث علمي يشهده العالم ، ولكنه يرجع أساساً إلى قراءة الملك عبدالله للتاريخ من خلال نظرته الدقيقة بأن القرن (19) كان للتنوير ، والقرن (20) للصراع من أجل التحرير وأن القرن (21) لصحوة العقل وتفجير طاقات الابداع. ومن خلال القراءة التاريخية التي أدت إلى حلم الملك عبدالله في انشاء الجامعة وبالتالي تحقيقه ، وأرى نور العلم يشع من ضفاف البحر الأحمر، ليؤكد للعالم بأنها جامعة مثل غيرها من الجامعات الدولية المعروفة، لأنها ستكون بإذن الله قلعة علمية بكل معنى الكلمة من حيث (المعنى والمبنى ) فستكون مصنعاً للعقول وبناء (كوادر المستقبل) في كل مناشط ومرافق الحياة. فبمتابعة الكم الهائل من المناقشات حول العالم بشأن جامعة الملك عبدالله حملت آراء تقديرية لهذا الحلم الذي تحقق وشع منه نور العلم من أرض (ثول) فأنارت ربوع العالم شرقه وغربه ، جنوبه وشماله ، ورددت على صوت واحد (اطلبوا العلم ولو في ثول السعودية) ليحل محل المثل القديم الذي رددته الأجيال الماضية (اطلبوا العلم ولو في الصين). وبادىء ذي بدء أقول إن تطلعات الطلاب للالتحاق بجامعة الملك عبدالله ورفع شعار (اطلبوا العلم ولو في ثول السعودية) قائمة على أن جامعة الملك عبدالله قادرة على استيعاب المتميزين منهم الراغبين للعلم والتعلم على أرض المملكة وتحت سمائها، لأنها جامعة قوية في ضوء استراتيجياتها المعلنة وتبني الجامعات العالمية المعروفة، وأنها قادرة على دخول ميدان المنافسة الدولية في تصنيف وترتيب الجامعات المرموقة. أريد أن أقول بوضوح إن انبهار هؤلاء الطلاب بطلب العلم على أرض المملكة وفي جامعة الملك عبدالله ليس وليد تميز عقلي عن باقي الجامعات الدولية المعروفة ، ولكن سر الانبهار هو تطبيقها لمعايير الجودة كمرجعية لادائها مما لا يتعارض مع الذاتية الثقافية للأمة. إن حلم الملك عبدالله في جامعة عصرية قوية ، وقد تحقق وشع نور العلم فأضاء أجواء العالم بأسره ، انما ينطلق من نظرة الملك عبدالله المرموقة حول العالم، ومستشاري التعليم الجامعي في سائر بقاع كوكبنا على أن التنمية البشرية هي رسالة وهدف التعلم الجامعي المتميز لذلك يعتبر الملك عبدالله أن التعليم الجامعي المتميز جوهر وقاطرة التنمية الشاملة والمستدامة. خلاصة القول إن جامعة الملك عبدالله ضربت مثلاً متميزاً للانتقال من التنافس إلى التنسيق وذلك في الحرص على مساهمة جامعات متعددة ومتقدمة ممثلة باساتذتها في مجلس الامناء مما فتح الباب أمام الطلاب النابغين حول العالم للانخراط بها بما يدعم رؤية الملك عبدالله في أهمية التعليم المتميز في جميع فروع الثقافات العلمية التي تكون البيئة الاكاديمية لجامعة الملك عبدالله نحو مستقبل علمي أفضل وهو ما قامت من أجله الجامعة.