تشير احصائيات الطلاق في المملكة العربية السعودية وكذلك في دولة الإمارات العربية المتحدة الى ارتفاع رهيب في معدلات نسب الطلاق، ففي هاتين الدولتين تعتبر نسبة الطلاق من أعلى النسب في العالم!!. واذا ما وجهنا المجهر الفاحص على شريحة الطلاق في مجتمعنا، لوجدنا ان معظم احداث الطلاق تقع لأسباب تافهة جدا جداً جداً؟!.. وبالبحث في جذور هذه المشكلة، وجدنا ان السبب الرئيسي هو ان التربية الاسرية والتنشئة الاجتماعية لم تأخذا حظاً وافراً في هذين المجالين، وما أعنيه هنا، هو اننا لم نرب ابناءنا وبناتنا على أن يكونوا ازواجا، يستطيعون تحمل مسئولية الزواج، ولا احترام عش الزوجية، فنحن في عصرنا هذا نهيىء بناتنا على أن يكنَّ زوجات وأمهات، فافتقد بيت الزوجية للاحترام المتبادل بين الزوجين، وخاصة من قبل الزوجة التي اصبحت لا تقدر ولا تحترم الزوج.. وهي التي بيدها وبمقدورها ان تحول بيت الزوجية الى جنة، أو أن تقلبه جحيما! لقد ربينا بناتنا وشجعناهن على أن يتعلمن ويواصلن تعليمهن، وهذا شيء طيب ومطلوب في حد ذاته، لكن ينقصه الجوهر الاكبر والهدف الاعظم، الا وهو أن نجعل من فتياتنا زوجات وأمهات، فدور المرأة في الحياة، ليس التعليم والعمل والحصول على المؤهلات العلمية وتبوء المناصب الادارية وان كان هذا مطلوباً ومهماً بل دورها في الحياة يكمن في مسئوليتها في انجاب الاطفال وتنشئة الأجيال وتربية النشء وتهيئة المجتمع، وايجاد الاعضاء الفاعلين في الأمة. فللمرأة أهمية كبيرة في المجتمع، فهي نصف المجتمع، وهي التي تلد النصف الآخر، أي انها المجتمع كله.. فيجب ان تفخر المرأة بأنها هي من تلد الرجال والنساء، وهي من يكون حجرها الحضن الأول للرجال والنساء، وهي التي ولدت الانبياء والرسل وولدت الصحابة والصحابيات وولدت الملوك والرؤساء، والأمراء والوزراء، والمشاهير والعلماء. ومن هذه المنطلقات وجب على المجتمع المسلم بصفة عامة، والسعودي بصفة خاصة، أن يُعد هذه الانسانة التي خلقها الله (أنثى)، ولها هذه الصفات وهذه المسئوليات، أن يعدها اعدادا تربويا واجتماعياً وعلمياً مقنناً، ليكون عندنا قادة للانسانية، وملهمون للبشرية وعلماء يقودون العالم نحو السلم والسلام، ولتنتج المرأة المسلمة أجيالاً ومجتمعات متماسكة متحابة ترفرف عليها السعادة وتغشاها الرحمة وتلفها المودة ويعمها الحب والوئام، لا مجتمعات مفككة منفصلة متناثرة متباغضة، يعيش أفرادها على الأرصفة وفي المجمعات التجارية، ليس لهم هم الا العبث وتقليد الغرب. مجتمعات (البلوت) و(الشيشة) والتدخين، لا يعرفون من الحياة الزوجية الا ليلة الدخلة فقط!.. حتى اذا ما تزوج الشاب بفتاة، تركها، وذهب لما اعتاد عليه من سهر (وبشك) و(شللية) وما ان تتزوج الفتاة حتى تقضي وقتها في التلذذ بالفضائيات ومشاهدة (الكليبات) والمطربين والمطربات والفنانين والفنانات واللاعبين واللاعبات، وادمان على (اللاب توبات) فاذا ما اجتمع الزوجان في لحظة من اللحظات النادرة، حتى يعلو صياحهما وصراخهما ونزاعهما، فلا يطيق الواحد منهما الآخر؟!! فإذا ما طلب الزوج من زوجته شيئاً، حتى تقول له باشمئزاز : (وانت اشبك، ما تقوم تجيب اللي تبغاه بنفسك، ترى شوف انا زيي زيك في البيت؟! فيقول لها الزوج عبارات قريبة مما قالته، فيتجسد بينهما الخصام، ويعيش في منزلهما التفكك، وفي النهاية تقول له : (طلقني انت ما جبتني جارية عندك)؟! فيقول لها : (وانا ماني خدام عندك ولا عند أبوك)؟! للأسف هذا ما يحدث في بيوت الزوجية، التي تنهار امامنا هذه الايام، فأضحت لا تتحمل ادنى مسئولية لا بناء اسرة، ولا تشييد مجتمع؟! فكثر الطلاق، وشاعت العنوسة، وتفككت الاسر، ونتج عن ذلك عشرات الألوف من الاطفال، ضحايا التفكك الأسري، الذين لا يعرفون استقرارا أسريا، ولا ترتسم على محياهم علامات الرضا والاطمئنان الاجتماعي، ولا ينعمون بالأمن والامان المستقبلي!! فيوم لدى الوالد، واليوم الآخر لدى الوالدة!! هذا اذا ما تزوجا ليتركا الابناء في مهب الريح!! ان في مكة وحدها الآلاف من المطلقات، وآلاف الأزواج الذين يعيشون بعيدا عن زوجاتهم اللاتي تركنهم لأسباب تافهة.. واكرر، ان كل ما يحدث نتيجة لسبب رئيسي وهو عدم اهتمامهم بالحياة الزوجية، وعدم تربيتنا وتهيئتنا لأبنائنا وبناتنا، بأن نجعل منهم افرادا يعون مسئولية الزواج، ويتحملون مسئولية تربية الأجيال. انني أعرف أسرا تحرص كل الحرص على أن تكمل الفتاة دراستها، وان تحصل على بعثة للخارج، دون ان تحرص هذه الاسر على تربية هذه الفتاة وتنشئتها لتكون زوجة واماً صالحة؟!. ان أخوف ما أخافه، أن يتحول مجتمعنا الى مجتمع غربي، لا يهتم ببيت الزوجية، حتى أصبحت الصديقة واصبح الصديق أهم من الزوج والزوجة، وأصبحت الحياة خارج اسوار الزواج هي الحياة المفضلة لديهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله، فاللهم سلم سلم .. ويا أمان الخائفين.