استطاعت الأكلات الشعبية وبموروثها التقليدي القديم وبأيدٍ اكتسبت الخبرة أن تبقى في المركز الأول بين الوجبات وهي المفضلة عن الأطباق الحديثة والتي تقدم في مطاعم (5)نجوم على أيدي طباخين ذوي كفاءة عالية من مختلف فنون مدارس الطبخ. ولعل تواري المطاعم الحديثة أمام الشعبية يعود إلى الميولات الخاصة لدى المستهلكين. إزاء ذلك تحدث العديد من المحبين للأكلات الشعبية فقال في البداية عبدالله الخطابي قيل في المثل (قديمك نديمك لو الجديد أغناك) وهذا المثل أصبح أغنية تغنى.. فمهما تمسكنا بالقشور فإن العودة للأصول واجبة ولو نظرنا إلى مافي السوق من أكلات وماانتشر من مطاعم لوجدنا الرقم مهولاً وهذا يدل على أننا أناس نأخذ بكل جديد حتى لو لم يكن مفيداً فهناك المأكولات وهناك المشروبات هذه جميعها غزت أسواقنا وتكالبنا عليها بل أنها أصبحت عند كثير منا جرءاً من حياتنا وهي للأسف مضارها أكثر بكثير من منافعها بل إن بعضها لانفع فيه وضرره واضح ولكن طبيعتنا في اللهث وراء كل جديد هي المشكلة وهي شعار كثير منا. ولو لاحظنا وسائلنا الإعلامية وخاصة التلفاز يعرض كل فترة واخرى مصائب وفضائح حول تلك الأكلة وهذا المشروب وما شابهه ولكن لاتغيير.. فأصبح البعض منا لايخاف من التسمم أو حتى ا لموت. وأضاف الخطابي: أسوق هنا دليلاً قاطعاً يثبت أن أصالتنا وخاصة في مجال الأكلات أصالة عميقة ومتجذرة وأكلاتنا الشعبية ذات نكهة خاصة وأكبر دليل على ذلك ما انتشر من أكلاتنا الشعبية في هذه المطاعم الشهيرة والتي أخذت أهم ركائزها من أكلاتنا الشعبية والترويج لها فما أجمل أكلاتنا الشعبية المختلفة ذات النكهة الجميلة والطعم اللذيذ والفائدة الكبيرة ولكن لايعرف ذلك إلا من ذاق طعم وجمال هذه الأكلات وقد قيل (من ذاق عرف ومن عرف اغترف). الشعبية تظل الأجود وأشار عبدالله الغامدي صاحب محل (مندي) إلى أن الأكلات الشعبية تظل من أجود الأكلات وهي الأساس في المناسبات والزيجات وإكرام الضيوف وعرفت منذ الأزل ورغم الحياة المدنية وتغير أنماط الأكل إلا أن المندي والحنيذ يظلان في المقدمة ولايمكن أن تحل الأطباق الحديثة محل الأكلات الشعبية. واضاف رغم التحذيرات الطبية لمن يعاني من بعض الأمراض مثل ارتفاع الكلسترول والسكري وغيره من الأمراض إلا أن البعض لايزال يفضل هذه الوجبات الدسمة وقد تنوعت الاسماء مثل المفطح والمثلوثة وكذلك أجود أنواع اللحم الذي يوضع في مرخ (ميفا) ثم يؤكل وهو له طعم خاص عند أهل الجنوب وهي أكلة رئيسية مفضلة. لايكرمون بالدجاج كما أوضح احمد موسى الزبيدي أن بعض القبائل لايمكن أن تقدم للضيف حتى وإن كان صديقاً اعتاد على زياراته المستمرة لحوم الدواجن حيث يعتبر ذلك نوعاً من الانتقاص في حق الرجل ولابد من الذبيحة وفي اعتقادي أن هذا تكليف لكن في النهاية هذه عادات وتقاليد ولايمكن أن يغيرها الشخص. أما المناسبات الكبيرة مثل الزيجات والدعوات ليس لها إلا المندي والسليق والحنيذ، إذن الأكلات الحديثة لاتتعدى أن تقدم لأهل المنزل فقط أما الضيوف فيختلف الوضع. عشاء خفيف يقول على الحاتمي إن الأكلات الشعبية لها مذاق خاص مثل القرص المغمدس في المرق ويؤكل مع اللحم وكذلك الحنيذ الذي يوضع بطريقة قديمة جنوبية داخل المرخ في (الميفا) وهذه من أجود الأكلات التي لاتقارن من حيث المذاق مع أكلات اليوم التي ليس لها طعم. كما أن الأكلات الشعبية هي في الأساس عادة وكرم ضيافة فالضيف لابد أن يأخذ حقه وواجبه من حفاوة أما اليوم اختلف الوضع يمكن أن يختصر الموضوع على عشاء خفيف في ظل ضغوط الحياة اليومية وإيقاعها المتسارع. أما محمد العمري فقال أشهى الأكلات الشعبية وأجملها الخبزة المعروفة في الجنوب بحجمها الكبير وهي تؤكل مع المرق والسمن ولبن الأبقار وهذه أكلة معروفة عند غامد وزهران في منطقة الباحة،كذلك العصيدة والدغابيس والحنيذ. واضاف الزهراني أن الأكلات الحديثة لايمكن أن تقف أمام الأكلات الشعبية التي رغم الإكثار منها إلا أنها لا تجلب الأمراض ولم نعرف السكري والكلسترول غير أن الأكلات الحديثة كثرت معها الأمراض ولعل طريقة تحضيرها قد تساهم في انتشار الأمراض بين الناس خاصة صغار السن.