كللت مساعي السلطة الوطنية الفلسطينية المدعومة عربياً بالنجاح في تمرير تقرير القاضي ريتشارد غولدستون بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وذلك بحشد تأييد 25 دولة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حين أبدت 6 دول من بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية معارضتها وتحفظت 11 دولة بينها بريطانيا من أعضاء المجلس ال47. وكان للدبلوماسية العربية دور فاعل في صد محاولات التأجيل والالتفاف على بعض محاور التقرير بحجة عرضه إلى مزيد من التشاور وعندما طلب المندوب الفرنسي التأجيل تم تأجيل الجلسة لنصف ساعة ثم طلبت فرنسا التأجيل مرة أخرى لما بعد الظهر ولكن اعترض مندوب مصر لتواصل المداولات التي يليها التصويت على مشروع القرار الذي قدمه مندوب باكستان داعياً للتصويت عليه دون تسييس الموضوع. ومن خلال المداولات التي تمت ليومين يتبين مدى الجهد الدبلوماسي العربي الذي بذل في حشد التأييد لمناقشة تقرير غولدستون رغم الضغوط الدولية المناوئة للقرار والمتحفظة عليه لعدم توازنه في رأيها في توجيه أصابع الاتهام إلى كل من إسرائيل وحماس. وعندما فشلت الضغوط في شق الصف المؤيد للفلسطينيين جرت محاولة للتأجيل ولكن الدبلوماسية العربية أبدت وعياً ومرونة كافية في التعاطي مع الدول المعارضة للتقرير وعملت على توسيع دائرة التأييد من خلال قبول اضافة المقترحات المنطقية للقرار. ولايزال المشوار طويلاً أمام الدبلوماسية العربية للوصول إلى النتائج المرجوة في محاكمة القتلة والمجرمين ومنتهكي حقوق الإنسان فلن تكون المعركة سهلة في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن كما لن يكون المسار إلى محكمة الجنايات الدولية مفروشاً بالورود ما لم تحسب الخطوات السياسية بدقة وروية ومقدرة فائقة على انتهاز الفرص السانحة مثلما تم توظيف الاعتداء على المسجد الأقصى في تمرير تقرير غولدستون.