الأستاذ الجامعي لا ينفصل عن البحث العلمي والأساتذة الجامعيون الذين يتوقفون عن كتابة الأبحاث ولا يملكون مهارة الإطلاع والبحث والقراءة المستمرة ويكتفي بالمادة العلمية التي يقدمها للطلاب سيجد نفسه بعد سنتين فقط قد تخلف عن الركب وظهر العجز لديه في مجاراة طلبته وزملائه فهو مثله مثل أي إنسان توقفت حياته عند مرحلة معينة، ولأن الأستاذ الجامعي هو الشخصية التي تحمل أعلى شهادة علمية ويعمل في أعلى منبر ثقافي كان قرار ترقيته بالأبحاث العلمية وليس بسنوات الخدمة أو الدورات أو الأعمال التي يكلف بها، لذا كان تركيز السياسة على الجامعات في كل دول العالم، لأن المفترض أنها مركز العقول المفكرة، لكن وللأسف تعاني جامعاتنا من قلة أوعية التحكيم للبحوث العلمية مما أعتقد انه أحد مسببات القصور في عمل الأبحاث العلمية. فالبدء في مشروع كتابة البحث العلمي ليس بالأمر الهين والعمل على إعداد الأبحاث العلمية يأخذ جهداً ليس بالسهل ولا القليل على الباحث، فالوقت جزء هام في مساحة البحث، والبحث عن موضوع البحث، جمع المادة العلمية وتصنيفها يستنفذ طاقة كبيرة من الباحث ثم عملية الكتابة والربط والتحليل هذا إذا كان البحث نظرياً وليس ميدانياً أو تجريبياً، ومما يرهق الباحث عملية توزيع استمارات البحث وجمعها وفرزها، ثم تأتي عملية تحليلها ثم ربط نتائج التحليل بأدبيات الدراسة وهذه تستهلك جهداً ذهنياً كبيراً، لذا ربطت الجامعات ترقية الأستاذ الجامعي بإنجاز الأبحاث العلمية . ومن الصعوبات التي تواجه الباحث وأعتقد أنها سبب عزوف أساتذة الجامعات عن الاستمرار في كتابة الأبحاث العلمية، قلة أوعية النشر على مستوى العالم العربي، فالباحث يرسل بحثه بداية العام لإحدى أوعية النشر ولا يحصل على رد عليه بقبول النشر أو التعديل إلا بعد عام كامل يكون فيه حماسه قد قل ونسي الموضوع الذي رفعه للتحكيم وتأخر مسار ترقيته، وهذا ليس فقط لدينا في المملكة بل هو على مستوى العالم العربي، ودائماً ما أتساءل لماذا لا تكون لدينا بالجامعات لجان لتحكيم البحوث، ومجلات بأعداد كافية يكون عملها نشر البحوث بصورة مستمرة حتى لو كان هذا العمل مدفوعاً وربحياً بالنسبة للمجلة، فالباحث الذي يرغب في تحكيم بحثه عليه دفع رسوم معينة لعملية التحكيم والنشر، فهذا العمل سيكون مخرجاً في زيادة أوعية النشر بالمملكة ويمكن للجامعات أن تتبنى هذا العمل على أن يكون تحت مظلة عمادة البحث العلمي المسار الربحي أو المسار (المدفوع). إن القصور الحاصل في كتابة الأبحاث العلمية له مسبباته وعوامله والجامعات تدرك ذلك، لذا نجد الجامعات تقدم عروضاً وبرامج مختلفة لدعم البحث العلمي لرفع الطاقة الإنتاجية من الأبحاث العلمية لأساتذة الجامعات، ومع ذلك هناك قصور لدى أساتذة الجامعات في إجراء البحوث العلمية لأن الجامعة تساهم في دعم تطبيق البحث لكنها ليست مسؤولة عن نشره. هذه إحدى المشاكل التي يعاني منها أساتذة الجامعات. فهل تنظر الجامعات إلى الزاوية الأخرى التي تساهم في دفع الأساتذة الجامعيين لممارسة كتابة البحوث العلمية ورفع الإنتاجية فيها فلا يكتفي بمجلة لكل جامعة بل بجانب المجلة الرئيسة والمجانية ، بل تكون هناك مجلات ربحية تغذي نفسها تحكم وتنشر الأبحاث العلمية، وما يدفعه الأستاذ الجامعي خارج الوطن لتحكيم أبحاثه يدفعه داخل المملكة.