تحاول الحكومة الايرانية الخروج من أزمة الانتخابات وما أسفرت عنه من انقسام عامودي حاد في قمة القيادة والحرس القديم للثورة الايرانية بين التيار الاصلاحي والتيار المحافظ بالبحث عن قضايا مثيرة لاهتمام القوى العظمى وذلك من خلال اثارة قضية تخصيب اليورانيوم في منشأة نووية جديدة لصرف الانظار الدولية عن الازمات الداخلية السياسية والاقتصادية والسجال المتعاظم بين أركان حكم الملالي والذي انداح إلى الشارع السياسي. وقد أكدت التطورات الجارية في ايران على تآكل الشرعية الثورية وانخفاض شعبية ولاية الفقيه فكان لزاماً على حكومة الرئيس أحمدي نجاد صرف الانظار عن المشكلات الايرانية بافتعال عدو خارجي من خلال استفزاز المجتمع الدولي بتخصيب اليورانيوم وفتح سجال مع الغرب واسرائيل حول الهولوكوست على النحو الذي اثاره الرئيس نجاد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً. ويبدو أن فرص ايران في الافلات من العقوبات الدولية صارت ضئيلة للغاية في ظل تعنت حكومة نجاد في الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي بوقف تخصيب اليورانيوم والالتزام بالقواعد المرعية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا ما عبر عنه قادة العالم خلال انعقاد قمة دول العشرين الاقتصادية حيث لوح قادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا بتشديد العقوبات على طهران في حالة عدم استجابتها للمقتضيات الدولية بشأن برنامجها النووي وهذا ما عبر عنه الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بشكل واضح حيث قال: (إن إيران تدفع المجتمع الدولي إلى مسار خطير متوعداً بتشديد العقوبات عليها). وأمام تأكيد المجتمع الدولي على توجيه المزيد من العقوبات على ايران تجد طهران نفسها محاصرة بين أزمتين داخلية وخارجية تخرج النظام الايراني من لعبة الأمم كما خرج غيره لقصور الرؤية الاستراتيجية والاعتماد على أوهام القوة.